حماية أموال القاصر في التشريع المغربي

           مقدمة:
عملت أغلب النظم والقوانين المتحضرة على جعل القاصر محور الحماية وأساس كل تشريع على مختلف الأصعدة، إلى درجة أصبح تقدم الشعوب يقاس بمدى العناية المكرسة للقاصرين، لذلك فقد عمل المشرع المغربي من خلال نصوص قانونية متعددة على مراعاة حقوق القاصر وحماية مصالحه.
فاهتمام المشرع المغربي بالقاصر يستمد مرجعيته من الشريعة الإسلامية، خاصة أحكام الفقه المالكي، هذا الإهتمام نابع من كون القاصر يشكل شريحة مهمة تمثل قاعدة هرم المجتمع المغربي ولبنة أساسية في مشروع صناعة إنسان الغد، بالتالي عمل المغرب منذ استقلاله على إغناء ترسانته القانونية المنسجمة وروح الفقه الإسلامي فعمل على إقامة تعديلات متلاحقة في مختلف الفروع القانونية خاصة منه التشريع المدني بجميع أطيافه.
فمناط الحماية المقررة لفائدة القاصر في الجانب المتعلق بالتصرفات القانونية التي يأتياها هذا الأخير تكتسي أهمية خاصة من عدة جوانب، بالرغم من الإشكاليات التي تطرحها الأهلية حيث يصعب تحديد مفهوم دقيق لها([1]).
إن الأهلية بصورة عامة هي صلاحية الشخص لإكتساب الحقوق ولتحمل الإلتزامات، يستخلص من هذا التعريف أن الأهلية نوعان، أهلية وجوب وأهلية أداء.
وتعرف أهلية الوجوب بأنها صلاحية الشخص للإلزام والإلتزام هي أمور تتصل بشخص الإنسان تبدأ ناقصة بالنسبة للجنين وتكتمل بتمام الولادة وتنتهي بالوفاة، فأهلية الوجوب تثبت للشخص إذن لمجرد كونه إنسان([2]).
أما أهلية الأداء فهي صلاحية الشخص لإستعمال الحق عن طريق التصرف القانوني، فهي إذن صفة في الشخص تجعله قادرا على أن يعبر بنفسه عن إرادته بحيث آثار هذا التغير تنصرف لحسابه([3]).
هكذا ونظرا لأهمية الأهلية في ميدان التعاقد فقد اعتبر المشرع أن الأصل في الشخص كمال الأهلية، لا يعتبر أحدا فاقدا الأهلية أو ناقصها إلا بمقتضى نص القانون.
خلافا لما نص عليه المشرع في إطار الفصل الثاني حيث أدرج الأهلية ضمن أركان العقد فقد اتجه أغلب الفقه إلى اعتبار الأهلية شرط لصحة الإرادة في ركن التراضي وليست ركنا مستقلا بذاته.
بالنظر لخصوصية هذا الموضوع سنعمل على تبيان الحماية القانونية بمختلف تجلياتها التي أفردها المشرع المغربي للقاصر من خلال التشريع المدني عامة وبعض التشريعات الخاصة.
 عرفت مدونة الأسرة ناقص الأهلية في المادة 213 بأنه الصغيرالذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد القانوني الممثل في 18 سنة شمسية كاملة. كما يمكن أن يكون قد أتمها وأصاب أهليته عارض من عوارض نقصانها كالسفه والعته، كما يعتبر عديم الأهلية الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز بالإضافة إلى المجنون وفاقد العقل طبقا للمادة 217 من م.س، وهذه الحالات التي يكون فيها القصر بناءا على حكم قضائي.
قد جاء في هذا الصدد قول ابن العربي: الإنسان وضع في حياته أمام موضعين، الوضع الأول يسمح له بصون نفسه المادية والمعنوية، أما الثاني فيكون عاجزا عن التصرف لمصلحة نفسه أو غيره تصرف العقلاء، فإحتاج الضعيف لمن يرعى مصالحه ويصون حقوقه شاء أو أبى لتعلق الأمر بالنظام العام([4]).
بذلك فأحكام الأهلية جاءت في التشريع المغربي متناثرة وموزعة بين عدة قوانين، فإزدواجية التنظيم هذه نتجت عنها بعض مظاهر التضارب وخلقت نوعا من الإضطراب لدى المشرع في تنظيمه للأهلية.
من تم فإن معالجة هذا التدخل الصادر عن الغير في شؤون القاصر يتطلب أساسا إعتماد منهج تحليلي نسعى من خلاله إلى محاولة رصد مكامن القوة والخلل في التشريع والقضاء مع إعتماد مقارنة بين الأحكام التي نظمت مال القاصر على صعيد القانون الوضعي سيما مدونة الأسرة وكذا قانون الإلتزامات والعقود بالإضافة لقانون التحفيظ العقاري.
بذلك فأهمية الموضوع النظرية تتجلى في البحث والتقصي عن مختلف مظاهر وتجليات الحماية القانونية للقاصر بالإضافة إلى النقاش المستفيض بين الفقه، كذا من أجل حماية هذه الفئة المجتمعية التي تحتاج المزيد من العناية.
أما من الناحية العملية، من خلال الوقوف عند تجسيد هذه الحماية على أرض الواقع والضوابط التي تنظم تصرفات النائب الشرعي عن القاصر في تدبير أمواله وحمايته من كل إنتهاك قد يمس حقوقه.
بالنظر لخصوصية هذا الموضوع سنعمل على تبيان الحماية التي أفردها المشرع المغربي من خلال التشريع المدني في شقه الموضوعي، إذ باعتبار أن قصر الشخص ونقصان أهليته أو إنعدامهما، يرجع لمجموعة من العوارض سواء على مستوى السن أو العقل، بحيث يعتبر عديم الأهلية الشخص الذي يقل سنه عن 12 سنة.
في حين أن ناقص الأهلية هو من بلغ سن 12 سنة كاملة إن كان هذا من جهة السن، فإنه على مستوى العوارض العقلية حدد المشرع لكل من السفه والعته والجنون.
غير أن المشرع بقي عاجزا وقاصرا عن تحديد وتمييز المجنون معلوم الإفاقة وغير معلوم الإفاقة، بالإضافة إلى عدم تحديد للمعايير المتخذة في تحديد سفه الشخص، كما هو الحال بالنسبة للحماية التي أقرها المشرع في الباب الثالث من القسم الأول من الباب الأول المعنون بالإلتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم.
على كل فإن تحليلنا لهذا الموضوع سينصب بالأساس على الأحكام القانونية المتعلقة بالتصرفات الواردة على أموال هذه الفئة.
إن الموضوع قيد الدراسة يثير إشكالية رئيسية وإشكالات فرعية. فبخصوص الإشكالية الرئيسية التي تتمثل في مدى إستطاعة المشرع المغربي توفير الحماية اللازمة لمال القاصر من خلال التشريع المدني؟
أما بالنسبة للإشكاليات الفرعية فتبرز من خلال ازدواجية القانون المغربي والتي تتجسد بشكل جلي في العديد من النصوص المتناثرة بفروع القانون المدني؟
بإعتبار أن المشرع أوكل لجهات معينة صلاحية التصرف في أموال القاصر والعناية بشؤونه في إطار مؤسسة النيابة، فما المقصود بهذا النظام؟
من هي الجهات المخول لها صلاحية النيابة عن القاصر؟
نظرا لتشعب الموضوع مع عدة نصوص وقوانين فإننا نسجل تناثر موضوع الدراسة بين عدة قوانين ( ق.ل.ع ثم م.س بالإضافة قانون رقم 14.07 المعدل والمتمم ل ظ.ت.ع ) ،مما يدفعنا إلى التساؤل حول فعالية هذه الحماية ومدى جديتها؟ ولكون مختلف التصرفات الواردة على أموال القاصر قد يتدخل فيها القضاء بوصفه جهة رقابية، فما هو نطاق سلطة القضاء في هذه الحماية؟
لمقاربة هذا الموضوع يقتضي الأمر إعتماد التقسيم التالي:
- المبحث الأول: التدابير الحمائية للقاصر على ضوء قانون ل.ع ومدونة الأسرة.
- المبحث الثاني: التنظيم القانوني للقاصر في ظل التحفيظ العقاري.





المبحث الأول: التدابير الحمائية للقاصر على ضوء ق.ل.ع ومدونة الأسرة.
يشكل الصغر في السن وكذا بعض الأمراض والحالات العقلية سببا من أسباب العجز لدى الإنسان وعدم القدرة على القيام بالشؤون الخاصة، لذلك خص الفقه الإسلامي والمشرع المغربي هذه الفئة بقواعد خاصة تنظم كيفية مساعدتهم وحمايتهم([5]).
فالقاصر ونظرا لعجزه وعدم قدرته على القيام بتصرفاته وشؤونه، نجد أن الشريعة الإسلامية أقرت ما يسمى بنظام الولاية على أمواله حماية له لإنعدام أو نقصان أهليته، لذلك فقد تناولها المشرع المغربي بالتنظيم في إطار ما يسمى بالنيابة الشرعية في القسم الثاني من مدونة الأسرة، وكذلك بقانون الإلتزامات والعقود في فرعه الأول المعنون بالأهلية، إذ يتول النائب صيانة وحفظ أموال القاصر تحت رقابة القضاء.
لذلك يقتضي الأمر الوقوف على نظام النيابة، ذلك بإعتباره نظاما يخول الغير صلاحية التصرف في مال القاصر (مطلب أول)، ثم التطرق إلى دور القضاء في هذا الإطار (مطلب ثاني).
المطلب الأول: تصرف الغير في أموال القاصر.
سعيا من المشرع إلى فرض الحماية اللازمة لحقوق القاصر وأمواله عمل على توفير مجموعة من الوسائل والآليات القانونية، والتي جعلت من القاصر هدفها الأساس ومحور حمايتها، ومنعت أي إهدار لحقوقه، وذلك من خلال نظام النيابة بأنواعه في (فقرة أولى) والتي لها مجموعة من الشروط في (فقرة ثانية).


الفقرة الأولى: مفهوم النيابة وأنواعها
تعتبر النيابة بشكل عام من أهم المسائل التي إهتمت بها الشريعة الإسلامية بتنظيمها وذلك بما يكفل الحماية اللازمة للمشمولين بها، وقد عرفها الدكتور عبد الرزاق السنهوري بأنها هي: "حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل مع إنصراف الأثر القانوني لهذه الإرادة إلى شخص الأصيل كما لو كانت الإرادة صادرة منه هو"([6]).
وتفيد كذلك الولاية على النفس والمال وتكون إما بسبب الصغر في السن وهنا نميز بين حالة إنعدام الأهلية والتي تكون بالنسبة للأقل من 12 سنة أو حالة نقصانها وذلك بالنسبة لمن تتراوح أعمارهم ما بين 12 سنة و18 سنة، كما تكون الولاية أيضا عند وجود مانع عقلي كالسفه والعته والجنون.
وعليه فإذا كان الشخص عديم أو ناقص الأهلية، فمن الطبيعي أنه لا يستطيع من الناحية الشرعية والقانونية القيام بالتصرفات لوحده لعدم أهليته، وإنما يحتاج لمن ينوب عنه قانونا لكي يساعده في شؤونه وتصرفاته. وبإعتبار أن القاعدة العامة في التصرفات والعقود أنه لا يجوز لأحد أن يتعهد عن شخص آخر ولا أن يبرم تصرفا قانونيا بإسمه إلا إذا كان مرخصا له بذلك وبصورة مسبقة، وهو ما نصت عليه المادة 33 من قانون الإلتزامات والعقود " لا يحق لأحد أن يلزم غيره ولا أن يشترط لصالحه إلا إذا كانت له سلطة النيابة عنه بمقتضى وكالة أو بمقتضى قانون".
ومن تم فهذه السلطة في التعاقد نميز بين نيابة شرعية في (أولا) ونيابة قضائية في (ثانيا) وكذا اتفاقية في (ثالثا).


أولا: النيابة الشرعية
ورد النص عليها في المادة 229 من مدونة الأسرة "النيابة الشرعية عن القاصر إما ولاية أو وصاية أو تقديم"، تولى المشرع المغربي إقرارها بالنسبة للأشخاص المحجور عليهم، فالقاصر لا يستطيع القيام بتصرفات وإبرام العقود بنفسه أو الإعتناء بشؤونه الشخصية، لذلك يحتاج إلى من ينوب عنه قانونا لكي يساعده في هذه التصرفات بما يعود عليه بالنفع([7]).وهو ما خوله للنائب الشرعي بنص خاص، كولاية الأب الراشد([8]) على أبنائه القاصرين، فهي حق للأب الذي يفترض فيه العطف على شؤونهم، وكذا الأم الراشدة في حالة عدم وجود الأب أو فقدانه لأهليته. ففي إطار توسيع صلاحياتها عكس ما كانت تعرفه من تقييد في ظل مدونة الأحوال الشخصية، فإن جديد مدونة الأسرة يتجلى في إمكانية الأم التصرف في أموال أبنائها القاصرين في حالة الاستعجال، وهو ما أكدته "المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء" وذلك بقبولها تصرف الأم في حساب إبنها وسحبها مبالغ مالية قصد علاجه([9]).
وبالإضافة لهذه الجهات أمكن المشرع أيضا إسناد هذه المهمة للوصي الراشد سواء من جهة الأب أو الأم، على إعتبار أن الأم قد تكون قاصر، وهنا يمكن معه تدخل الوصي من جهة الأب إن وجد، فيقوم بتسيير شؤون الأبناء القاصرين إلى حين بلوغ الأم سن الرشد، فتبقى مهمته بعد ذلك مراقبة تسييرها وتبليغ قاضي شؤون القاصرين عند كل اختلال([10]).
هذا الأخير الذي يمكنه عند عدم وجود الولي أو الوصي أن يعين مقدما يشترط فيه إلى جانب الوصي الرشد والأمانة ثم الحزم وضبط الأمور، ويبقى للمحكمة إعتبار شرط الملاءة([11]) في كل منهما فضلا عن إنتفاء موانع الوصاية والتقديم([12]) مع إحترام الترتيب القانوني، فالأب الذي تتوفر فيه الشروط القانونية له الأولوية والأسبقية عن باقي الجهات ثم تليه الأم فالوصي ثم قاضي المحاجير حسب الترتيب الذي جاءت بدورية للسيد وزير العدل حول تطبيق المادة 231 من مدونة الأسرة([13]).
لذلك فالولي تكون مهامه بين ولاية على النفس وتشمل الإشراف على شؤون القاصر الشخصية من تأديب وتعليم وتطبيب وتزويج ونحو ذلك، وولاية على المال وتتمثل في الإشراف على شؤون القاصر المالية من حفظ وإستثمار وتصرفات في ماله كالرهن والبيع وغيرهما([14]).
فيقوم الولي بجميع الشؤون التي تقبل النيابة من عقود وأفعال ومخاصمات في الحقوق، وإلى جانب الولاية هناك الوصاية التي يقيمها سواء الأب أو الأم لشخص أخر يقوم برعاية أبنائهم القاصرين، ومهما يكن فإن تعيينه يجعله مقام الولي في التصرف في شؤون القاصر، غير أن إختصاصه عرف تجاذبا وتعارضا بين فقهاء الشريعة الإسلامية خاصة، فقهاء الشافعية والحنفية حيث ذهبوا إلى إعتباره في حكم الأب إن توفرت شروط ولايته ما لم يرد عليه تخصيص.
أما الحنابلة فيرون الوصي أشبه بوكيل الموصي، في حين لفقهاء المالكية رأيان، فالأول يعتبره في حكم الأب والأخر أقل منه([15]) غير أن لمدونة الأسرة رأي آخر تمثل في توسيع من نطاق صلاحياته فأصبحت تشمل الولاية على النفس والمال حسب ما جاء في الفقرة الأولى من المادة 233، وبعد الوصاية نجد التقديم والذي يشكل اختصاصا قضائيا يمارسه قاضي شؤون المحاجير، هذا الأخير الذي يفوض مهامه لشخص أخر ممن توفرت فيه الشروط، على أن يسهر ويدير شؤون القاصر نيابة عنه.
وبشكل عام يمكن اعتبار النيابة الشرعية سلطة قانونية، تعطي لأشخاص حددهم القانون تنتهي ببلوغ القاصر سن 18 سنة شمسية كاملة([16])، وهذا ما تمظهر لنا بين طيات قرار للمجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) بحيث واجهت بالرفض طلب الأم نفقه ابنتها الراشدة ودون وجود أي اتفاق بينهما([17]) وبمعنى آخر فإن بلوغ القاصر سن الرشد يسقط كافة الصلاحيات المخولة للنائب الشرعي عنه، ما لم يصدر حكم قضائي بإستمرار النيابة عليه.
ثانيا: النيابة القضائية
إنطلاقا من الحديث الشريف "السلطان ولي من لا وليه له"([18])، فإن هذه النيابة مصدرها القضاء الذي يعين عند الحاجة من ينوب عن الأصل ويحافظ على حقوق الغير، ففي جميع الحالات يعين القاضي المختص حارسا، أو وكيلا أو مقدما([19]) يتولى تحت رقابته مهام تسير مصالح القاصر ورعاية شؤونه، وفق مجموعة من الضوابط القانونية التي تكفل للمحجور صيانة أمواله وحياته.
وفي هذا الصدد نصت المادة 230 من مدونة الأسرة "المقدم هو الذي يعينه القضاء"، وذلك إن لم يوجد أم أو وصي عن القاصر، فأوجب بذلك المشرع أن يتم إختيار المقدم بين الأصلح من العصبة، فإن لم يوجد فمن القارب وإلا فمن غيرهم([20]).
ذلك أن هذه المهمة ونظرا لأهميتها فقد أوكلها لمن هم أقدر عليها وكضمان أكثر فقد أوكلها إلى كل من لهم علاقة بالقاصر، وهذا ما سارت عليه المحكمة الإبتدائية بمكناس عندما عينت طالبة التقديم وهي أخت القاصر مقدما عنها بعدما تبين لها من خلال بحث النيابة العامة أن والدة المحجور عليها متوفية، وأن أختها الأصلح لها من بين إخوتها العصبة([21]).
هذا وقد نجد أن للقاصر مصالح متعددة مما يمكن معه للمحكمة أن تعين أكثر من مقدم واحد عند الضرورة، وهو ما قضت به الفقرة الثانية من المادة 244 من مدونة الأسرة بحيث نصت على أنه "للمحكمة أن تشرك شخصين أو أكثر في التقديم إذا رأت مصلحة المحجوز في ذلك" وتحدد في هذه الحالة صلاحية كل واحد منهم.
وزيادة في الحماية المقررة لهذه الفئة الضعيفة قد تحول ظروف معينة بين المقدم وبين أدائه لواجباته، مما يمكن معه تعين مقدم مؤقت للقيام برعاية القاصر إلى حين إرتفاع ظروف الحال عن المقدم الأصل، وبشكل عام فصلاحيات المقدم ترقى لمرتبة الوصي، بحيث أصبحت تشمل المال والنفس معا بعدما كانت مقتصرة في ظل مدونة الأحوال الشخصية على الشؤون المالية فقط([22]).
فمدونة الأسرة وسعيا منها إلى وضع حماية جامعة لكل جوانب حياة القاصر عملت على توسيع صلاحيات هذه الجهات لكنها تبقى خاضعة لرقابة القضاء، فالتقديم يشكل وسيلة قانونية تهدف إلى صيانة أموال القاصر وإستثمارها على الوجه الذي يعود عليه بالنفع تحت رقابة قاضي المحاجير والذي يباشر سلطاته في كل التصرفات التي يأتيها المقدم في أموال القاصر.
ثالثا: النيابة الاتفاقية
هي نيابة تتحدد من خلالها صلاحيات النائب بينه وبين الأصيل بمقتضى عقد كما هو الشأن في الوكالة بأجر طبقا للفصل 257 من مدونة الأسرة([23]) مع الإلتزام ببذل عناية الرجل العادي وفق ما ورد في الفقرة الأولى من المادة 903 من قانون الإلتزامات والعقود، علما بأن النيابة الإتفاقية قد تتحقق في غيرعقد الوكالة، كما هو الحال بالنسبة للباعة في المحلات التجارية في ما يبرمونه من عقود، فهم يقومون بذلك نيابة عن صاحب المحل، وهذه النيابة ثابتة بمقتضى عقد عمل تم به إستخدامهم([24]).
بالإضافة إلى أن النيابة قد ترد صراحة وكذا ضمنيا، كما لو قام الوكيل وأدى مبلغا ماليا نيابة عن الموكل ولم يصدر أي إعتراض عن هذا الأخير، غير أنه إذا نظرنا إلى نوعية النيابة الإتفاقية وذلك من خلال المصدر الذي يحدد مدى ولاية النائب، أمكن القول بأن الأمر يختلف تماما عن النيابة الشرعية وكذلك القضائية، ما دام أن القانون هو الذي يحدد ولاية النائب وصلاحياته، فإن العقد هو أساس النيابة الاتفاقية تحت إطار مبدأ "حرية المتعاقدين"
فالنائب هنا غالبا ما يسير حسب تعليماته بإعتباره وكيلا عن القاصر الذي يمكنه أيضا القيام بنفس العمل الذي وكل فيه، فمثلا يقع صحيحا بيع الموكل السيارة التي وكل الوكيل في بيعها لأن إنابة الشخص غيره في القيام بتصرفات قانونية لا يحرمه أهلية القيام بها بنفسه([25])، وبإعتبار أن المشرع وضع أحكام عامة للنيابة تاركا المجال للإجتهاد القضائي والفقهي، فإن الإشكال المطروح هنا يتجلى في كون الأصيل قد يكون عديم الأهلية ومعيب الإرادة. مما يصبح معه محكوما بتصرفات أجراها النائب وهي تصرفات ترجع أثارها للأصيل سواء سلبا كانت أم إيجابا، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل عن الأساس الذي تستمد منه النيابة مصدرها حتى يمكن التسليم بإنصراف أثار التعاقد إلى شخص لم يكن طرفا فيه، فما هو إذن الأساس الذي ينبغي الإعتماد عليه من أجل تفسيرالإرتباط القائم بين إرادة الأصيل وإرادة النائب؟
لذلك فقد إختلف الفقه بين قديم إعتبر أن أساس إرتباط إرادة الأصيل بإرادة النائب يقوم على مجاز وإفتراض قانوني، فالنائب وإن كان يتقمص شخصية الأصيل ويتكلم بلسانه ويحل إرادته محله فإن الأصيل هو الذي يعد عاقدا وبالتالي فإن أثار العقد موجبة أو سالبة تنصرف إليه، على الرغم من أن النائب هو الذي يبرم العقد مع الغير.
غير أن هذا الطرح وجه بالإنتقاد بإعتبار النائب له جزء من الحرية لذلك لا يمكن القول بكونه يتقمص شخص الأصيل([26])، أما بالنسبة للفقه الحديث فيذهب إلى أن أثار العقد التي تنصرف إلى الأصيل أساسها مبدأ سلطان الإرادة، ذلك أن النائب وإرادة الغير المتعاقد بإمكانهما أن يضيفا أثار العقد إلى الأصيل خصوصا إذا كانت إرادته هي التي إرتدت ذلك التصرف ورغبت فيه لما لها من مصالح ولعل مبدأ سلطان الإرادة هو الأجدر بالنسبة للنيابة الاتفاقية([27]).
إذن فعند الحديث عن نظام النيابة كحماية قانونية وضعها المشرع لصالح الفئة الضعيفة ألا وهي القاصرين، فأيضا عمل على وضع الشروط اللازمة لممارستها.
الفقرة الثانية: الشروط اللازمة لقيام النيابة
لكي تتحقق النيابة ويلتزم الأصيل بالعقد المبرم من طرف النائب يجب (أولا) إحلال إرادة النائب محل الأصيل، ثم أن يتعامل النائب باسم الأصيل ولحسابه في (ثانيا) كما يجب أن يعمل النائب في الحدود التي رسمها له الأصيل في (ثالثا).
أولا: إحلال إرادة النائب محل إرادة الأصيل
يتعاقد النائب بإرادته لا بإرادة الأصيل([28])، فهو يعبر عنها، ويقصد من وراء إحلالها محل إرادة الأصيل إحداث أثار قانونية في ذمة هذا الأخير، لذلك فالنائب في إبرامه للتصرف القانوني يعبر عن إرادة الأصيل، وهذا ما يميز التعاقد بالنيابة عن التعاقد عن طريق الرسول أو الوسيط، الذي تقتصر مهمته على القيام بدور سلبي متمثل في نقل إرادة المرسل إلى الغير شأنه ذلك شأن الرسالة.
وبمعنى أخر فهو يشكل تعاقدا بين غائبين من حيث زمان ومكان إنعقاد العقد، بينما يتمتع النائب بحرية التعاقد وقسط من حرية التقرير ويعتبر تعاقده تعاقدا بين حاضرين، وإن كان الأصيل غائبا عن مجلس العقد، كما يمكن للنائب أن يجمع في نفس الوقت صفتي الرسول والنائب وذلك إذا أصدر إليه الأصيل تعليمات لا يستطيع أن يحيد عنها في أمر من أمور العقد المراد إبرامه.
ولما كان النائب يعبر عن إرادته لا عن إرادة الأصيل، فإرادة النائب تلعب دورا إيجابيا في إبرام العقد، فله الحق إذا كان ضحية عيب من عيوب الإرادة كالغلط أو التدليس أو الإكراه أن يطالب بإبطال هذا العقد حتى لو كانت إرادة الأصيل سليمة، ولم يلحقها عيب من العيوب.
ومن جهة أخرى يمكن أيضا للغير المتعاقد أن يطالب بإبطال العقد، إذا صدر من النائب تدليس أو إكراه، ولا يمكن للأصيل التشبث بالعقد ما دام أن إرادة النائب هي المنشئة له، كما أنه إذا ساهم الأصيل في إبرام العقد بجزء معين فإنه يمكن البحث عن عيوب الإرادة في حدود ما ساهم فيه([29]).
وجدير بالذكر أن النيابة إذا كانت إتفاقية فلا يشترط في النائب الأهلية الكاملة وإن كان يتطلب فيه أهلية التمييز والإدراك فقط مع إلزامية توفر الأهلية الكاملة في الأصيل([30]) ذلك بإعتبار أن أثار العقد المبرم بين النائب المميز –أي أتم سن 12 سنة- تنصرف إلى شخص الأصيل الكامل الأهلية عكس التعاقد عن طريق الرسول الذي يمكن أن يكون عديم الأهلية.
ثانيا: تعامل النائب باسم الأصيل ولحسابه
غالبا ما يفضل الوكيل العمل بإسم موكله لئلا يقع على عاتقه عبء الإلتزامات الناتجة عن تنفيذه للعقد مع الغير الذي يتعامل معه، الأمر الذي يجعل هذه الإلتزامات تقع مباشرة على عاتق الموكل خلافا بالحالة التي يتصرف فيها الوكيل بإسمه الشخصي([31])، إن هذا الشرط يجب تحققه عند كل من النائب والغير المتعاقد معه، إذ يجب على هذا النائب أن يوضح للمتعاقد معه أنه يتعاقد بإسم الأصيل، وأنه مجرد نائب عن قاصر أو عديم الأهلية.
بحيث لا نكون أمام نيابة إذا قام بالتعاقد بإسمه أمام الغير –حسب ما جاء به الفصل 920 من قانون الإلتزامات والعقود- ثم يقوم بتحويل الصفقة للأصيل مقابل عمولة([32])، إذ يجب أن يعلم المتعاقد أنه لصالح شخص الأصيل ناقص أو عديم الأهلية كما يمكن للغير المتعاقد أن يطالب النائب بما يثبت وكالته عنه.
فضلا عن أن هناك حالات إستثنائية تنصرف فيها آثار العقد للأصيل ولو دون أن يكشف النائب عن صفته وقت التعاقد، وذلك في حالتين جاء بهما التشريع المصري:
أ) إذا كانت الظروف تفترض حتما علم الغير المتعاقد بوجود النيابة بالرغم من سكوت النائب كمن يدخل محلا تجاريا لشراء فيفترض فيه العلم بأن العامل التي يتولى البيع ليس إلا نائبا عن صاحب العمل.
ب) إذا كان من تعاقد معه النائب يستوي عنده أن يتعامل مع النائب أو الأصيل فصاحب المحل التجاري الذي يتقدم إليه شخص للشراء، يستوي عنده أن يكون هذا الشخص أصيلا عن نفسه أو نائبا عن غيره([33]).
وإذا كانت هاتين الحالتين من مقتضيات القانون المدني المصري في مادته 106 فلا نجد مثيلا لها في التشريع المغربي رغم إمكانية الأخذ بهما.


ثالثا: يجب أن يعمل النائب في الحدود التي رسمها له الأصيل
بإعتبار أن الأصيل من يقوم بتصرفاته وشؤونه فإنها تبقى مقيدة بالحدود التي رسمها له الموكل، فحتى يقوم العقد صحيحا منتجا لأثاره بشكل صحيح، يجب أن يلتزم فيه النائب بالحدود المرسومة له وإلا كان تصرفه عاجزا كليا عن إنتاج أي أثر اتجاه الأصيل([34]).
وجدير بالذكر أن مصدر النيابة هو أساس حدودها إذ بالنسبة للنيابة الشرعية والقضائية نجد القانون مصدرا لهما، وأيضا يتكفل بتحديد نطاقهما في حين أن النيابة الإتفاقية أساسها العقد الذي قد يكون من حيث موضوعه عاما أو خاصا. وفي هذه الحالة يكون للوكيل حدود مرسومة في نطاق القيام فيما وكل فيه إذ بالنسبة للنيابة الخاصة يكون موضوعها محدد في عمل تنتهي النيابة بإنتهائه والقيام به في حين أن النيابة العامة تشمل كل التصرفات بإستثناء التبرعات، لكن رغم هذا التقييد إلا أن المشرع وضع جملة من الحالات الإستثنائية والتي على الرغم من تجاوز النائب للحدود المرسومة له فإنه وحماية لمبدأ "استقرار المعاملات"([35]) تبقى صحيحة. فالمشرع ورغم كونها خارج الإطار القانوني للعقد إلا أنه أقر بصلاحيتها وجعلها منتجة لأثارها، وهي الحالات التي جاء بها الفصل 927 من قانون الإلتزامات والعقود([36])، غير أنه وخارج هذه الإستثناءات يمكن احتمال تعاقد النائب لحسابه، فيجمع بين صفة النائب والمتعاقد معه، الشيء الذي يدفعنا إلى التساؤل حول صحة هذا التصرف؟
لقد إختلف الفقه ومواقف التشريعات في هذا الصدد، حيث ذهبت بعضها إلى منعه على أساس أن العقد لا يتم إلا وفق إرادتين، بينما إجتمع في هذا العقد طرفاه في شخص واحد في المقابل اختارت تشريعات أخرى إجازته باعتبار هذه النيابة قد تمت بقواعد الإيجاب والقبول، ولو عبر عن إرادتين شخص واحد.
أما عن موقف التشريع المغربي فنسجل غياب مبدأ عام في الموضوع ولم يتبني أي اتجاه، واكتفى ببعض مظاهر المنع كالذي يعرفه الوصي والمقدم بشأن التصرف في أموال القاصر طبقا للفصل 271 من مدونة الأسرة، بحيث لا يقوم الوصي أو المقدم بالتصرف في أمواله إلا بموجب إذن من قاضي شؤون القاصرين في إطار رقابة قضائية، تدعونا إلى التساؤل حول طبيعة هذا الإذن وكذا التعرف أكثر على حيثيات منحه؟
المطلب الثاني: دور القضاء في منح الإذن لبيع  أموال القاصر
رغم سعي المشرع المغربي إلى وضع قواعد هدف من خلالها حماية أموال القاصر والحفاظ عليها، عبر خلق تنظيم قانوني محكم للنيابة الشرعية. فإن دور القضاء يبقى أساسيا في ترجمة هذه الحماية إلى واقع ملموس، عن طريق تفعيل إيجابيات النصوص القانونية المتناغمة مع مصالح القاصر خاصة المالية منها.
وإذا كان المشرع قد أولى عناية بالغة لأموال القاصر منقولات كانت أم عقارات، خاصة إذا تعلق الأمر ببيعها من قبل النائب الشرعي، فإن وعيه بأهمية الدور الحمائي الذي يقوم به القاضي المكلف بشؤون القاصرين جعله يمنح له مجموعة من الإختصاصات الواسعة النطاق.
لعل أهمها دوره في منح الإذن لبيع منقولات القاصر (الفقرة الأولى) ثم دوره في منح الإذن لبيع عقارات القاصر (الفقرة الثانية) وأيضا إشرافه على مسطرة بيع منقولات وعقارات القاصر بالمزاد العلني (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: دور القضاء في منح الإذن لبيع  منقولات القاصر
إن إعمال سلطة القاضي في منح الإذن للتصرف بالبيع في منقول القاصر موقوف على التأكد من الدوافع الداعية لهذا التصرف من جهة، وقيمة المنقول المراد بيعه. لذلك ارتأينا أن نقسم هذه الفقرة إلى موجبات بيع منقولات القاصر سنتطرق إليها في (أولا) ثم حدود سلطة القاضي في منح الإذن للتصرف ببيع منقول القاصر في (ثانيا).
أولا: موجبات بيع منقولات القاصر
في البداية لابد أن نشير إلى أن الفقهاء متفقون حول أن سلطة الولي في بيع منقول القاصر،غير مقيدة إلى الحاجة إلى بيعه.
فقد ذهب فقهاء الشافعية والحنفية إلى أن للأب أن يبيع ويشتري مال أولاده القاصرين عقارا كان هذا المال أو منقولا.وإشترطوا في هذا البيع أو الشراء أن يكون بثمن المثل أو بغبن يسير، وهو ما أخذ به الفقه المالكي. فللأب بيع منقول القاصر لموجب أو لغير موجب كما جاء في شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل "وللأب أن يبيع مال ولده الذي في حجره.... وإن لم يذكر سبب البيع...لأن أفعال الأب محمولة على النظر والسداد"([37]).
أما موقف المشرع المغربي بخصوص سلطة الولي في التصرف بالبيع في أموال القاصر، فيبدو أنه يشوبه نوع من الغموض والإبهام، بسبب التعارض الحاصل ما بين بعض النصوص القانونية.
حيث نجد الفصل 11 من ق.ل.ع([38]) قد ساوى ما بين الولي والوصي والمقدم من حيث الخضوع لرقابة القضاء القبلية المتمثلة في بيان حالة الضرورة أو النفع البين للقاصر، وذلك قبل منح الإذن من قبل القاضي المختص.
وفي المقابل نجد المادة 240 من مدونة الأسرة([39]) قد أعفت الولي من الخضوع لرقابة القضاء القبلية في إدارة أموال محجوره، ما لم تتجاوز قيمة أموال المحجور مأتي ألف درهم، أو عمد القاضي لفتح ملف النيابة الشرعية إعتبارا لمصلحة المحجور.
أمام وجود هذا التعارض الحاصل ما بين الفصل 11 من ق.ل.ع والمادة 240 من مدونة الأسرة يصبح مشروعا طرح السؤال التالي: أي النصين المذكورين أنفا أولى بالتطبيق؟
في هذا الإطار يرى البعض أن الفصل 11 من ق.ل.ع لا يعتبر بأي حال من الأحوال نصا مكملا لنصوص مدونة الأحوال الشخصية (مدونة الأسرة حاليا) بل أن ما لم تنص عليه هذه الأخيرة يرجع بشأنه إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من مذهب الإمام مالك([40]). وهذا القول يعتبر بمثابة تطبيق لمقتضى المادة 400 من مدونة الأسرة.
أما على مستوى الإجتهاد القضائي فنجده قد عمل على تبديد الغموض الناتج عن التنازع بين ق.ل.ع ومدون الأسرة، وذلك بصيغة قاعدة النص الخاص يخصص النص العام ويطبق بالأولوية عنه، حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى سنة 2006 أنه: "لا مجال للإستدلال بمقتضيات الفصل 11 من ق.ل.ع ما دامت الولاية والأهلية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية الصادر في ظله القرار المطلوب فيه، الذي نص في فصله 149 و158 على أن للأب الولاية على شخص القاصر وعلى أمواله معا حتى تكتمل أهليته وهو ملزم بالقيام بها"([41]).
وفي نفس الإطار صدر منشور لوزير العدل بتاريخ 2-2-2005 حول مسألة مدى خضوع الولي لرقابة القضاء القبلية في إدارته لأموال المحجور حيث جاء فيه: "يتبين من المادة 240 من المدونة أن الولي –أبا كان أو أما- لا يخضع لرقابة القضاء القبلية بصفة مطلقة، بحيث يمكنه إدارة أموال إبنه القاصر والتصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات دون خضوعه للإذن المتعلق بالوصي أو المقدم المنصوص عليه في المادة 271"([42]).
من خلال قرار مجلس الأعلى ومنشور وزير العدل المذكور يتضح أنه قد تم ترجيح مقتضى المادة 240 من مدونة الأسرة على نص الفصل 11 من ق.ل.ع بدعوى أن النص المضمن في ق.ل.ع هو نص عام والمبدأ أن الخاص يقيد العام حالة التعارض بينهما. إضافة إلى أن قانون الإلتزامات والعقود قانون سابق وقانون الأسرة قانون لاحق والمبدأ أن اللاحق يلغي السابق وهذا الطرح تبناه الفقه القانوني المغربي هو الأخر مسايرة للإجتهاد القضائي ومنه الأستاذ محمد الكشبور([43]).
بناء على رأي الفقه والعمل القضائي حول مسألة إعطاء الأولوية في التطبيق للمادة 240 من مدونة الأسرة عن الفصل 11 من ق.ل.ع يتضح أن الأساس الذي دفع المشرع المغربي إعفاء الولي من الخضوع لرقابة القضاء القبلية رغم أن الفصل 11 المذكور كان ولا يزال معه الولي خاضعا لهذا النوع من الرقابة، هو تأثره بموقف الفقه الإسلامي الذي يفترض في أفعال الولي التي يجريها في أموال القاصر على أنها محمولة على السداد وحسن النظر وبالتالي لا حاجة لفرض الرقابة القبلية عليه، ما دامت قيمة الأموال لا تفوق المبلغ المحدد قانونا.
إلا أنه كما يرى البعض أن موقف الفقه الإسلامي لا مجال للحديث عنه في عصرنا الحالي الذي طفت فيه الماديات وإنعدم فيه الوازع الديني، حيث نجد فئة عريضة من الأولياء يعملون على تبديد وضياع أموال أبنائهم القصر عوض حفظها وتنميتها باستغلال مركزهم القانوني. مما دفع العديد من الفقه للمطالبة بإقرار قيد قضائي للتصرف في أموال القاصر حتى بالنسبة للولي عبر إخضاعه هو الأخر لرقابة القضاء القبلية مساواة مع الوصي والمقدم([44]).
أما بخصوص سلطة الوصي والمقدم فقد ذهب أغلب الفقه إلى أن سلطتهم في التصرف في منقولات القاصر هي سلطة مطلقة غير مقيدة بإثبات الحاجة إلى بيع منقول القاصر أي تلك الممنوحة للولي، إلا أن الإختلاف ما بين هذا الأخير والوصي أو المقدم حسب الفقه هو أن تصرفات الولي كما قلنا محمولة على السداد وحسن النظر حتى يثبت العكس، عكس التصرفات التي يجريها كل من الوصي والمقدم فهي محمولة على سوء النظر وعدم السداد حتى يثبت النظر.
أما موقف المشرع المغربي بخصوص خضوع الوصي والمقدم لرقابة القضاء القبلية فهو دائر ما بين التقييد والإطلاق. وذلك بالنظر إلى قيمة المنقول المراد بيعه فإذا كانت قيمة المنقول تقل عن المبلغ المحدد قانونا فإن سلطة الوصي والمقدم تكون مطلقة غير مقيدة بذكر سبب البيع. أما إذا كانت قيمة المنقول تساوي أو تتجاوز المبلغ المحدد قانونا فإنهم يخضعون لرقابة القضاء القبلية .
ثانيا: حدود سلطة القاضي في منح الإذن ببيع منقول القاصر
إذا كان الأصل هو بيع المنقول من طرف النائب الشرعي غير مقيد بالحاجة إلى بيعه، فقد استلزم المشرع تقديم طلب الحصول على إذن القاضي المكلف بشؤون القاصرين لبيع منقول القاصر كإستثناء إذا تعدت قيمته وفاقت المبلغ المحدد قانونا.
فبالرجوع إلى المادة271 من مدونة الأسرة( ، نجد أن المشرع قد قيد سلطة الوصي والمقدم بالحصول على الإذن القضائي. من أجل أن تتاح لهما إمكانية بيع منقول أو عقار القاصر التي تتجاوز قيمته 10.000 درهم أو ترتيب حق عيني عليه. والملاحظ من خلال مقتضى المادة المذكورة أن المشرع لم يشمل بهذا الإجراء شراء المنقول.
وعليه فإنه يحق للوصي أو المقدم شراء منقول لحساب القاصر كيفما كانت قيمته ودون ضرورة الحصول على إذن خاص بالشراء من قبل القاضي المكلف بشؤون القاصرين، وهذا يعد بمثابة تعارض مع المقصد المتوخى من الولاية المتمثل في تدبير أموال القاصر بما يوافق مصالحه وعدم ضياعها وتبديدها([45]).
يتبين من خلال مقتضيات الفصل 11([46]) أنه هناك تضارب مع المادة 271 ق.س هذه الأخيرة التي لا تلزم الولي بالحصول على الإذن عكس الفصل 11 المذكور .
وهذا ما جعل القضاء يصدر أحكام متناثرة فيما بينها :
حيث جاء في قرار لإستئنافية مراكش: "حيث إنه بمقتضى الفصل 11 من ق.ل.ع فإن الأب الذي يدير أموال إبنه القاصر أو ناقص الأهلية لا يجوز له إجراء أي عمل من أعمال التصرف التي يتولى إدارتها إلا بعد الحصول على إذن خاص بذلك من القاضي المختص ويعتبر من أعمال التصرف البيع"([47]).
أما القرار الثاني وهو صادر عن المجلس الأعلى جاء فيه: "القانون الذي يحكم النيابة الشرعية للمغاربة المسلمين هو مدونة الأحوال الشخصية التي تعطي للأب الولاية العامة على أولاده القاصرين له الحق في التصرف في أموالهم بما فيها البيع دون إذن مسبوق من القاضي([48]).
ويبقى الحل الأمثل لهذا التعارض ما بين النصين هو ترجيح الفصل 271 من مدونة الأسرة على الفصل 11 من ق.ل.ع اعتبارا لما ذهب إليه الفقه والإجتهاد القضائي السابق بيانه أي تطبيق مبدأ النص اللاحق يلقي السابق ويطبق بالأولوية عنه.
إذا كانت القاعدة حسب الفصل 271 من مدونة الأسرة أن الوصي والمقدم ملزم بالحصول على إذن قضائي من أجل التصرف بالبيع في منقول القاصر متى تجاوزت قيمته 10.000 درهم فإن المشرع المغربي أورد استثناءا لهذه القاعدة، متى كانت منقولات القاصر تتجاوز قيمتها خمسة ألاف درهم إذا كانت معرضة للتلف وكذا المنقول الذي لا تتجاوز قيمته 5000 درهم([49]).
وهذا الإستثناء جاء بمقتضى المادة 272 من نفس القانون. في حقيقة الأمر أن هذه الأخيرة تتعارض مع مقتضى المادة 271 من المدونة، حيث لنفترض أن منقولات القاصر قيمتها 6000 درهم ويود الوصي أو المقدم بيعها، ففي هذه الحالة لا يحتاج إلى إذن القاضي لأن قيمته لا تتجاوز 10.000 درهم حسب المادة 271 في الوقت نفسه يحتاج إلى إذن لأن قيمة المنقول تجاوزت 5000 درهم حسب المادة 272 من مدونة الأسرة([50]).
لهذا نطالب المشرع برفع قيمة 5000 درهم المنصوص عليها في المادة 272 إلى 10.000 درهم حتى يتم تجاوز التعارض الحاصل ما بين المادين المذكورتين آنفا.
هذا بالنسبة لدور القضاء في منح الإذن لتصرف في منقولات القاصر، فماذا عن دوره في التصرف بالبيع في عقارات هذا الأخير؟
الفقرة الثانية: دور القضاء في منح الإذن  لبيع عقار القاصر
سوف نعمل على تقسيم هذه الفقرة إلى (أولا) نتطرق من خلالها إلى موجبات بيع عقارات القاصر و(ثانيا) نتحدث فيها عن سلطة القاضي في منح الإذن لبيع عقار القاصر.
أولا: موجبات بيع عقار القاصر
لقد تطرقنا سابقا إلى أن الولي قد أجمع الفقهاء على أن تصرفاته في أموال إبنه القاصر محمولة على السداد وحسن النظر، حتى يثبت العكس، ومن بين هذه الأموال العقارات ومراد هذا القول أن الأب تجمعه قرينة "النفقة والحنان" على أبنائه القاصرين وبالتالي إذا توفرت فيه شروط الولاية على المال، وانتفت موانعها فله التصرف المطلق في أموال من تحت ولايته، بدليل قول خليل "وله البيع المطلق وإن لم يذكر سببه"([51])
وهذا التوجه تبناه المشرع المغربي حيث أنه كما رأينا قد أعفى الولي بموجب المادة 240 من مدونة الأسرة من الخضوع لرقابة القضاء القبلية أثناء إدارته لأموال المحجور([52]).
كما نجد المشرع بمقتضى المادة 271 من مدونة الأسرة قد جعل أمر الحصول على الإذن القضائي متى تجاوز قيمة العقار10.000 درهم ، ينحصر على الوصي والمقدم دون أن يشمل به الولي.
وعليه فإن الوصي أو المقدم فقد اعتبر الفقهاء أن تصرفاتهما في عقار القاصر محمولة على غير السداد لقلة وفور شفقتهما لذلك يتعين إثبات السبب الداعي إلى هذا التصرف([53]).
بالرجوع إلى مقتضى الفصل 11 من قانون الإلتزامات والعقود والفصل 207 من ق.م.م نجد أن المشرع قد ربط حصول الوصي أو المقدم على إذن القاضي المختص من أجل بيع عقار القاصر بتوفر حالة الضرورة واعتبار مصلحة القاصر من هذا البيع، ومع غياب ضوابط محددة لشرح معنى حالة الضرورة بمقتضى نصوص قانونية خاصة، فينبغي الرجوع إلى ما تحيل عليه المادة 400 من مدونة الأسرة المتمثل في الفقه المالكي([54]).
فبالرجوع إلى الفقه المالكي نجد أن الشيخ خليل قد أشار إلى موجبات بيع عقار القاصر بقوله "إنما يباع عقاره لحاجة أي لمأكل وملبس أو غبطة أي كثرة في الثمن أو لكونه موظفا، أو لكونه حصة، أو لقلة غلته، أو لكونه بين ذميين أو جيران سوء أو لإرادة شريكه، أو لخشية انتقال العمارة أو لخوف الخراب ولا مال له أو له والبيع أولى"([55]).
أما مدونة الأسرة فإنها لم تتطرق إلى هاته الموجبات وإنما استعمل المشرع في أغلب مقتضياتها مصطلح "مصلحة القاصر" أو حالة الضرورة بالمعنى الواسع وتركت سلطة واسعة لقاضي شؤون القاصرين لتأكد من وجود شرط الضرورة متى كانت قيمة العقار المراد بيعه تستوجب هذا التأكد. وهذا ما سنعمل على توضيحه من خلال الحديث عن سلطة القاضي في منح الإذن لبيع عقار القاصر في ثانيا.
ثانيا: سلطة القاضي في منح الإذن لبيع عقار القاصر
في البداية لابد أن نشير إلى أن مقتضيات مدونة الأسرة أصبحت تتقاطع مع مقتضيات المادة 207 من قانون المسطرة المدنية التي تعمم الحكم بشأن ضرورة الحصول على الإذن من أجل بيع عقار المحجوز دون أن تخص بالذكر الوصي والمقدم، كما ذهبت إلى ذلك المادة 201 المتعلقة ببيع منقولات القاصر حيث أن إن هذه الأخيرة حصرت ضرورة الحصول على إذن القاضي المكلف بشؤون القاصرين في الوصي والمقدم([56]).
بقراءة مقتضى المادة 271 من مدونة الأسرة نلاحظ أن المشرع تحدث عن وجوب الحصول على إذن البيع فقط بالنسبة للعقار الذي تتعدى قيمته 10.000 درهم ولم يشمل هذا الإجراء شراء العقارات المماثلة، مما يجعل الوصي أو المقدم يشتري عقارا لحساب القاصر رغم عدم استدعاء الضرورة لذلك، لدى كان على المشرع أن يبقى مقتضى الفصل 160 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة الذي كان يتضمن ضرورة الحصول على الإذن بشراء العقار متى كان ذلك في مصلحة القاصر([57]).
وعليه فإن بيع عقار القاصر خاضع للإجراءات المنصوص عليها في الفصول من 207 إلى 211 من ق.م.م لذلك يتعين على الوصي أو المقدم الذي يرغب في الحصول على إذن بيع العقار أن يتقدم بطلب إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين على شكل مقال مرفق بالوثائق والحجج التي تكفي لتعيين دلك العقار، فإذا كان العقار المراد بيعه محفظا وجب الإدلاء بشهادة الملكية من المحافظة العقارية التابع لنفوذها ذلك العقار، تتضمن رقم الرسم العقاري ومندرجاته، والتحملات التي تتقل العقار كالرهن أو الحجز([58])، أما إذا كان العقار في طور التحفيظ فيجب إرفاقه برقم مطلب التحفيظ والمراحل التي قطعتها المسطرة.أما إذا كان العقار غير محفظ فيجب الإدلاء بما يبين موقعه وحدوده ومساحته والأوصاف التي تميزه وما له وما عليه حقوق وإلتزامات([59]).
بمجرد تقديم هذا المقال يقوم كاتب الضبط بفتح محضر يشير فيه إلى هذه البيانات والمستندات ثم يقدمه إلى القاضي الذي يصدر قرارا إما بالموافقة بالبيع وإصدار الإذن أو رفض الطلب من أساسه([60])
بقي أن نشير أنه إذا تم رفض طلب الوصي أو المقدم يكون له بذلك الحق بالإستئناف داخل أجل عشرة أيام من يوم التبليغ المذكور حسب الفصل 208 ق.م.م بعد استئناف قرار قاضي شؤون القاصرين أمام محكمة الإستئناف فإن هذه الأخيرة تراعي مصلحة القاصر وقرارها بالقبول ينفذ حالا.
إلا أنه يبقى التساؤل مطروحا حول ما إذا أيدت محكمة الإستئناف قرار الرفض الذي أصدره قاضي شؤون القاصرين، هل للحاجز الحق في أن يعيد طلبه من جديد؟ أم أن الأمر يكتسب حجية الشيء المقضي به.
بالرجوع لمقتضيات الفصل 148 من ق.م.م يتضح أن الأوامر القضائية الصادرة في هذا الإطار لا تكتسي حجية الشيء المقضي به، متى تغيرت الحالة والظروف التي كانت تحيط بها وقت صدورها، ومن ثم فإن هذه الأوامر لا تفقد صفتها هذه، ولو بتت فيها محكمة الإستئناف، وهذا يعني أن من حق النائب الشرعي إعادة الطلب مرة أخرى وإضافة أسباب أخرى التي قد تظهر بعد صدور الأمر الأول([61]).
    وعلى كل فإن المادة 271 من م.س أعفت الولي من إذن القاضي للتصرف في أموال القاصر وهو ما يتعارض مع منطق المادة 178 من م.ح.ع التي ألزمت الولي بالحصول على إذن القاضي لرهن أموال القاصر رهنا رسميا. وهو ما يدفعنا للتساؤل حول سلطة الولي بين الإطلاق والتقييد؟  


الفقرة الثالثة: مسطرة بيع منقولات و عقارات  القاصر بالمزاد العلني
في إطار الحديث عن مسطرة بيع أموال القاصر بالمزاد العلني سوف نميز ما بين مسطرة بيع منقولات القاصر (أولا)، ومسطرة بيع عقارات القاصر (ثانيا)، نظرا لخصوصية كل مسطرة على حدى.
أولا: مسطرة بيع منقولات القاصر بالمزاد العلني
إن منقولات القاصر المراد بيعها من قبل النائب الشرعي بالمزاد العلني قد تختلف في طبيعتها مما يؤدي إلى اختلاف مساطر بيعها، فهناك منقولات تخضع أثناء بيعها لمساطر عادية تبتدئ بتعيين الخبير (أ) ثم إشهار الإعلان بالبيع (ب) وأخيرا عملية المزايدة (ج) وهناك منقولات ذات طبيعة خاصة كالأصول التجارية والقيم المنقولة والسندات والأسهم أو حصصها.
فهذه المنقولات قد خصها المشرع بتنظيم خاص من خلال مقتضيات ق.م.م إلا أننا لا نقيض في الحديث عن مسطرة بيعها بشكل مستفيض وإنما سنقوم بالإشارة إليها قبيل إنتهائنا في الحديث عن الإجراءات المسطرية الأنفة الذكر أعلاه.
أ- الخبرة:
من قبيل صلاحيات قاضي شؤون القاصرين أنه يقوم بتعيين خبير، إذ يتولى هذا الأخير مهمة تحديد الثمن الأساسي الذي سينطلق منه البيع بالمزاد العلني، وذلك طبقا لمنطوق الفصل 202 من ق.م.م "يحدد الثمن الأساسي للبيع خبير يعينه القاضي لهذه الغاية".
وعليه فقاضي شؤون القاصرين بعد منحه الإذن ببيع أموال القاصر يعين خبيرا من أجل تحديد الثمن الذي سينطلق منه البيع بالمزاد العلني، وغالبا ما يكون هذا الثمن يقل عن القيمة الحقيقة للمبيع من أجل فتح باب المنافسة بين المتزايدين على المبيع([62]).
في إطار تعيين الخبير من أجل القيام بالمهام المنوطة به يطرح سؤال حول من يقوم بأداء مصاريف الخبرة؟
الأصل أن مصاريف الخبرة يؤديها النائب عن القاصر بصندوق المحكمة كما هي محددة بالأمر القاضي بإجرائها. إلا أنه في حالة تعذر ذلك فإن القاضي المكلف بشؤون القاصرين يستدعي الخبير إلى مكتبه ويطلب منه إجراء الخبرة إلى حين استخلاص مبلغ أتعابه من ثمن البيع، وذلك في إطار إيجاد الحلول الملائمة للصعوبات التي تعترض بيع أموال القاصر.
بحيث جاء في أمر السيد قاضي شؤون القاصرين بقسم قضاء الأسرة بمكناس([63]) "كما نأمر السيد.....بصفته (الوصي أو المقدم) بإيداع مبلغ بصندوق المحكمة من أجل أتعاب المحاسبين" وقبل تعيين الخبير لتحديد الثمن الذي يفتح به المزاد يجب التحقق من الوضعية القانونية للبيع، فمثلا إذا تعلق الأمر ببيع سيارة المحجور بالمزاد العلني فيجب على النائب الشرعي أن يدلي بالبطاقة الرمادية التي تفيد تملك المحجور لهذه السيارة.
حيث جاء في إذن صادر عن قاضي شؤون القاصرين بمكناس المتعلق ببيع سيارة محجور بالمزاد العلني وحيث أدلت الحاجرة بالبطاقة الرمادية (كارط كريز) تفيد تملك المحجور للسيارة المذكورة([64]).

ب- عملية الإشهار
بعد تأكد القاضي من قيمة المنقول واتضح على أنها تزيد عن ألفي درهم أو لم يكن ممكنا بيعه عن طريق المراضاة وجب حينئذ على كتابة الضبط توزيع ملصقات تعين فيها تلك المنقول المزاد بيعه وتاريخ ومكان بيعه، وتقوم بتعليق هذه الملصقات في الأماكن التي تضمن إطلاع أكبر عدد من الناس عليها ومنها المحكمة الإبتدائية والأماكن البارزة في الأسواق.
ويلزم أن يفصل بين التاريخ المعين للبيع وتاريخ الإشهار ثمانية أيام على الأقل إلا إذا كان المنقول عرضة للتلف أو لتقلب الأسعار حيث يمكن في هذه الحالة تقصير الأجل من يوم إلى أخر ومن ساعة إلى أخرى من قبل القاضي (الفصل 202 من ق.م.م).
ج- المزايدة
بعد انتهاء المدة المخصصة للإشهار والتي حددها المشرع في ثمانية أيام تتم المزايدة بعد ذلك في أقرب سوق عمومي أو في أي مكان أخر يتوقع فيه الحصول على أعلى ثمن وغالبا ما يتم المزاد داخل قاعة بقسم قضاء الأسرة، وعند حلول تاريخ البيع يحضر كاتب الضبط التابع للقاضي الذي أصدر الإذن في بيع ذلك المنقول ويصحبه أحد أعوانه حتى يشرف على تسيير المزايدة عن طريق عرض المنقول والمناداة على الراغبين في الشراء ليعرضوا الثمن الذي يرغبون في الشراء به([65]).
وبعدها يرسو المزاد على من قدم أعلى ثمن يعلن كاتب الضبط أن البيع قد تم لصالحه لا يشترط في هذا الثمن أن يتجاوز ما حدد الخبير أثناء تقييمه لقيمة المنقول، ثم يدعو كاتب الضبط الذي رسا عليه المزاد من أجل أن يؤدي له فورا الثمن والصوائر ولا تقبل إلا النقود أو الشيكات المضمونة وبعد أداء الثمن يتم تسليم المنقول إلى المشتري.
وتجب الإشارة إلى أن محضر المزايدة الذي يحدده كاتب الضبط يعد بمثابة عقد بيع رسمي لذلك المنقول حيث لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور طبقا لما نصت عليه المادة 204 من ق.م.م "لا يطعن في وثيقة البيع إلا بالزور".
وفي الأخير إذا امتنع المشتري عن تأدية الثمن في الأجل المحدد ينذره كاتب الضبط الذي يسير عملية البيع بأن يؤدي الثمن فورا تحت طائلة بيع ذلك المنقول، فإن أصر على الإمتناع فتح باب المزايدة مجددا في نفس المكان الذي جرت فيه المزايدة الأولى.
هنا يصبح المتخلف عن الشراء في وضعيتين: الوضعية الأولى هو أنه إذا كان الثمن الذي رسا عليه المزاد الثاني أقل من الثمن الذي رسا عليه المزاد الأول فإن المشتري يتحمل الفرق بين الثمن الذي رسا به المزاد عليه والثمن الذي وقعت به المزايدة الجديدة. أما إذا كان الثمن اللاحق أكثر أو يساوي الثمن الذي رست به المزايدة الأولى حازه كاتب الضبط لحساب القاصر، وتتم تبرئة المشتري الأول من كل الإلتزامات وهذا ما نصت عليه المادة 202 من ق.م.م.
بقي أن نشير إلى أنه إذا ادعى الغير أن المنقولات المراد بيعها في المزاد ملك له فإن البيع يؤجل إلى وقت لاحق من قبل القاضي المكلف بشؤون القاصرين وينبغي أن يكون إدعاء هذا الغير مدعما بالحجج الكافية ويستثنى من ذلك المنقولات التي يسرع الفساد إليها حيث تستمر إجراءات بيعها ولا يسلم ثمنها إلى الحاجر إلى أن يبت قاضي الموضوع في شأنها.
وينبغي على مدعي استحقاق المنقول، أن يتقدم بالتعرض داخل أجل 8 أيام تبتدئ من تاريخ صدور الأمر ببيع المنقول بالمزاد العلني من قبل قاضي شؤون القاصرين، فتوقف إجراءات البيع إلى حين البت في صحة التعرض من عدمه من قبل محكمة الموضوع وليس من قبل قاضي شؤون القاصرين لأن هذا الأخير حسب منطوق الفصل 203 من ق.م.م تتوقف سلطته في قبول أو رفض التعرض دون البث فيه.
هذا بالنسبة لبيع المنقولات العادية بالمزاد العلني، أما بخصوص المنقولات  ذات الطبيعة الخاصة، فيتم بيعها وفق إجراءات مغايرة، حيث أن بيع الأصل التجاري حسب الفصل 205 من ق.م.م([66]) يتم بيان جميع عناصره الذي شملها ويقوم القاضي المختص بتعيين خبير من أجل تقييم الأصل التجاري وتحديد ثمنه الأساسي وقد اشترط المشرع على أن لا يرسو المزاد على ثمن أقل من الثمن الذي حدده الخبير وفي حالة ما إذا كان الثمن الذي رسا عليه المزاد كذلك تباع في هذه الحالة بالتقسيط مختلف العناصر التي تكون الأصل التجاري.
أما بخصوص القيم المنقولة والسندات والأسهم أو حصصا فإنه حسب المادة 206([67]) من ذات القانون تباع بالبورصة بأمر من قاضي شؤون القاصرين.
هذا بالنسبة لمسطرة بيع منقولات القاصر فماذا عن الإجراءات المسطرة التي تباع بها عقاراته؟
  
ثانيا: مسطرة بيع عقارات القاصر بالمزاد العلني
تمر مسطرة بيع عقارات القاصر بالمزاد العلني بمجموعة من الإجراءات المسطرية تبتدئ بتعيير الخبير (أ) ثم عملية الإشهار (ب) وصولا إلى إجراء السمسرة أو المزايدة (ج).
أ- تعيين الخبير
تعتبر الخبرة القضائية وسيلة أساسية يستعين بها قاضي شؤون القاصرين لتقييم ملك القاصر الذي يريد الوصي أو المقدم بيعه حيث يقوم الخبير بأمر من القاضي بإنجاز تقرير حول العقار يحدد من خلاله وصف العقار من حيث المساحة وإسمه وعنوانه وتحديد قيمته بالإسناد إلى بعض البيوعات المماثلة والمجاورة للعقار المراد بيعه ويحدد الثمن الأساسي الذي سينطلق به المزاد([68]).
في هذا الإطار يطرح التساؤل التالي ماذا لو أن الثمن المحدد من قبل الخبير لا يتوافق مع إرادة النائب الشرعي للقاصر، هل يحق له أن يطالب بإعادة الخبرة؟
إن المشرع المغربي لم يتطرق لهذا الأمر، إلا أن العمل القضائي أفرز لنا حكم صادر عن محكمة الإستئناف بمكناس بتاريخ 3/11/2011، حيث جاء فيه: "وبعد التعقيب ورفض المدعى عليهما ما وصلت إليه الخبرة وبعد انتهاء الإجراءات صدر الحكم المستأنف حيث ركز المستأنفان استئنافهما فيما يلي:
أن الخبرة لم تنجز من طرف خبير مختص في شؤون العقار بل هو مختص في الميكانيك.
أن مبلغ السيارتين هزيل جدا والتمسا إعادة الخبرة على يد خبير مختص"([69]).
بعدما ذكرت المحكمة المذكورة هذه الأسباب وغيرها قبلت طلب المستأنف الرامي إلى إعادة الخبرة.
ب- عملية الإشهار
إن نجاح عملية بيع عقار القاصر بالمزاد العلني مرتبطة بإحاطتها بعملية إشهار واسعة النطاق وذلك من أجل ضمان حضور أكبر عدد ممكن من المتزايدين ليباع العقار بأعلى ثمن ممكن.
ويتم القيام بالإشهار من طرف كتابة الضبط بعد أن يقوم القاضي بتحديد الشروط الواجب توفرها في هذا الإشهار عبر بيان قيمة العقار وموقعه وحدوده ومشتملاته ورقم رسمه العقاري إن كان محفظا أو رقم مطلب التحفيظ إن كان في طور التحفيظ مع بيان موعد المزايدة ومكان افتتاح المزاد العلني الذي يكون إما بالمحكمة الإبتدائية التابع لها قاضي شؤون القاصرين والتي يوجد في دائرتها العقار مراد بيعه بالمزاد العلني، ويتم تعليق هذا الإعلان بباب العقار المراد بيعه إذا كان مبنيا أو بلوحة تقام فوقه إن كان أرضا فلاحية([70]).
ويتم تعليق الإعلان كذلك بباب الأسواق العمومية ومراكز القيادات والجماعات القروية أو الحضرية وكذا في اللوحات المخصصة للإعلانات بالمحكمة الإبتدائية التي يقع في دائرتها العقار وغيرها من الوسائل الأخرى.
ويجب أن يستمر هذا الإشهار مدة شهرين على الأقل قبل إجراء المزايدة (المادة 209 منن ق.م.م).
ج- السمسرة
بقراءة مقتضى المادة 210 من ق.م.م، يتضح أن عملية السمسرة أو المزايدة تختلف عن نظيرتها بالنسبة لبيع منقول القاصر، حيث أن المشرع اشترط أن تنطلق المزايدة من الثمن الذي حدده الخبير، ويتم الإعلان عن العروض المقدمة تبعا الأعلى بالأعلى، وعندما يرسو المزاد على من قدم العرض الأعلى، يؤدي هذا الأخير الثمن خلال ثلاثة أيام من وقوع السمسرة عكس المنقول الذي اشترط فيه المشرع أداء الثمن فورا.
وإذا لم يؤدي من رسا عليه المزاد الثمن ومصروفات البيع وجه له إنذار بأدائها داخل أجل ثمانية أيام من الإنذار وإذا تمسك بعدم الأداء أعيد بيع العقار على نفقته وتحت مسؤوليته وذلك بعد مرور شهرين من تاريخ المزايدة الأولى على أن يتم الإعلان عن البيع الثاني في الإشهار مع تحديد تاريخ ومكان المزايدة والثمن الذي رست به المزايدة الأولى.
وحسب الفقرة الرابعة من المادة 210 من ق.م.م فإن المشرع ألزم المشتري المتخلف بأداء الفرق بين الثمن الذي رسا به عليه المزاد وثمن البيع الثاني دون أن تكون له الحق في المطالبة بما قد ينتج من زيادة نتيجة المزايدة الثانية، وكجزاء وقعه المشرع على المشتري المتخلف فإنه لا يملك الحق في أن يسترجع الذي قد يكون دفعه.
وفي الأخير لا بأس أن نشير على أنه يمكن أن يتم المزايدة بين متزايدين اثنين فقط حيث ورد في حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بمراكش بتاريخ 18/7/07/2013 ما يلي: "لا يعيب السمسرة أن تتم بين متزايدين اثنين، على إعتبار أن المشرع لم يحدد عددا أدنى للمتزايدين وعليه يكون النصاب متحققا بإثنين فما فوق طالما هؤلاء قدموا عروضهم ووافق عليها رئيس المحكمة بصفته المشرف على عملية التنفيذ([71]).
وعندما يتم بيع عقار القاصر بالطرق القانونية المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية يحوز كاتب الضبط الثمن والصوائر ويحرر وثيقة تتضمن نقل ملكية المبيع إلى المشتري بالكيفية القانونية من إشهاد عدلي وأداء الرسوم العدلية وتسجيل لدى المحافظة العقارية إذا كان الأمر يتعلق بعقار محفظ ولدى مديرية الضرائب([72])، ووثيقة البيع لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور حسب ما تقتضيه المادة 211 من ق.م.م.
بقي أن نشير إلى أن المشرع لم يتطرق لمسطرة التعرض في حالة ما إذا ادعى الغير استحقاقه لعقار القاصر المراد بيعه بالمزاد العلني.
أمام غياب نص خاص ينظم مسطرة التعرض حاول جانب من الفقه سد هذا الفراغ التشريعي بالاعتماد على الفصول المنظمة للتعرض على بيع العقار المحجوز في المزاد العلني.
فالأستاذ محمد بن معجوز يرى أن ما دامت مسطرة بيع أموال القاصر بالمزاد العلني لم تتعرض لحالة التعرض على بيع عقار القاصر فلا بأس من الركون إلى الفصلين 482 و483 من ق.م.م([73])





المبحث الثاني: التنظيم القانوني للقاصر في ظل التحفيظ العقاري
تتضارب أوجه الحماية للقاصر على ضوء قانون التحفيظ العقاري سواء قبل اتخاذ قرار التحفيظ، خصوصا فيما يهم شكليات وإجراءات مطلب التحفيظ في (مطلب أول) أو بعد اتخاذ السيد المحافظ على الملكية العقارية لقرار التحفيظ وبالتحديد فيما يتعلق ببعض مبادئ التحفيظ العقاري في (مطلب ثاني).
المطلب الأول: حماية القاصر من خلال شكليات وإجراءات مطلب التحفيظ
يعتبر وضع مطلب التحفيظ هو أول إجراء يقوم به طالب التحفيظ من أجل إخضاع عقاره لنظام التحفيظ العقاري، ويقوم بذلك أمام المحافظة العقارية ويمكن أيضا لكل من يدعي حقا على عقار في طور التحفيظ للتدخل في مسطرة التحفيظ لضمان حقه.
فما هي مظاهر حماية القاصر خلال كل هذه المراحل وهو ما سنحاول رصده من خلال تمظهرات تلك الحماية عبر رقابة المحافظ على الأملاك العقارية (فقرة أولى) ومن خلال رقابة القضاء (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: رقابة المحافظ على الأملاك العقارية
يقدم مطلب التحفيظ إلى المحافظة العقارية المختصة من طرف المالك نفسه أو من ينوب عنه. ويتولى المحافظ العقاري قبل قبوله مطلب التحفيظ والتأثير عليه وبالتالي إيداعه لخضوعه لمسطرة التحفيظ، بمراقبة هوية وأهلية طالب التحفيظ (أولا) ودور تلك المراقبة من خلال تحديد دور المحافظ في مراقبة مستندات مطلب التحفيظ شكلا وجوهرا (ثانيا).
أولا: دور المحافظ في مراقبة الهوية وأهلية طالب التحفيظ
يقدم مطلب التحفيظ من أحد الأشخاص المحددين في الفصول 10 و11 و12 من ظ.ت.ع المعدل والمتمم بقانون 14.07 والذي نجد من بينهم النائب الشرعي، نيابة عن القاصر أو المحجور حيث تكون لهما حقوق تسمح بتقديم الطلب لو لم يكن قاصرا([1]).
وبالإطلاع على مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري يلاحظ أن المشرع لم ينص صراحة على إلزام المحافظ بالتحقق من أهلية طالب التحفيظ التصريح بها في طلب التحفيظ، على الرغم من أن تاريخ الإزدياد يعد أحد المعايير الأساسية لمعرفة مدى توفر طالب التحفيظ على الأهلية في تقديم الطلب([2]).
غير أن البعض تساءل في هذا الإطار عن مدى صلاحية المحافظ للتأكد من هوية طالب التحفيظ، حيث ذهب إلى أن النصوص المتعلقة بمسطرة التحفيظ لا تساعد على ذلك وأن الفصل الثالث عشر من ظهير 12 غشت 1913، المعدل والمتمم بقانون 14.07 أشار في فقرته الأخيرة إلى هذه الإمكانية بطريقة غير مباشرة في الحالة التي يكون فيها طالب التحفيظ أميا ويجهل التوقيع إذ يشهد المحافظ بأن الطلب قد قدم إليه من قبل طالب التحفيظ بعد أن يتحقق من هويته([3]).
وفي هذا الصدد جاء قرار([4]) صادر عن المجلس الأعلى بغرفتين بتاريخ 15 دجنبر 1976 ما يلي: الأمي ليس هو الذي لا يحسن التوقيع ولكن لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد.
كما أنه يمكن لمن وقع على العقد بخط اليد أن يثبت أنه أمي.
واعتبارا للدور المطلق الذي خوله المشرع المغربي للمحافظ العقاري، فإن هذا الأخير يكون ملزما بالتحقق من الأهلية سواء كان العقد المقدم عرفيا أم رسميا وهذا خلافا لما هو عليه الحال بالنسبة للتحقق من الهوية.
إذا كان المحافظ يضطلع بدور مهم في مراقبة هوية الأطراف، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف للمحافظ مراقبة الهوية؟
للإجابة عن هذا السؤال ينبغي التمييز بين الحالة التي تكون فيها أمام محررات رسمية وفي الحالة الأولى، تعتبر هوية الأطراف محققة بتضمين المحرر إسم الموثق أما إذا كانت المحررات عرفية فإن الهوية تكون محققة إذا كانت التوقيعات التي تحملها مصادق عليها من طرف الجهات المختصة وذلك طبقا للفصل 73 من ظ.ت.ع ([5])
ويستشف مما سبق أنه يتعين على المحافظ العقاري أن يحرص على أن يتضمن مطلب التحفيظ البيانات الواردة في الفصل 13.
وما يعزز ذلك هو المذكرة([6]) الصادر عن المحافظ العام التي يذكر من خلالها المحافظين العقاريين بأن مقتضيات الفصل 13 من ظ.ت.ع وردت بصيغة آمرة. لذلك من المفروض من المحافظ أن يتأكد من هوية وأهلية طالب التحفيظ.
ويرجع للمحافظ على الأملاك العقارية صلاحية التحقق من مدى أهلية مقدمي مطلب التحفيظ، بالتحقق من حالتهم المدنية،ولا يرجع الإختصاص لمحكمة التحفيظ في مراقبة أهلية طالب التحفيظ([7]).
ثانيا: دور المحافظ في مراقبة جوهر الوثائق المدعمة لمطلب التحفيظ
فيما يتعلق بإرفاق مطلب التحفيظ بالوثائق والمستندات المدعمة له، نسجل النقاش الذي أثاره الفصل 14 من ظ.ت.ع، والخاص بإرفاق مطلب التحفيظ بالوثائق والمستندات المبررة لحق الملكية أو لأحد الحقوق العينية، حيث لا يحمل في طياته أية صبغة إلزامية يلزم بمقتضاها طالب التحفيظ بالإدلاء بالوثائق الضرورية، على خلاف الفصل 72 الذي ألزم طالب التقييد بالإدلاء بالحجج المؤيدة لطلبه ومراقبتاها من حيث الشكل والجوهر([8]).
هذا وقد أثير التساؤل في هذا الصدد، هل من حق المحافظ رفض كل طلب تحفيظ لا يكون مرفوق بهذه الوثائق؟([9])
لقد اختلفت الآراء بهذا الخصوص، حيث ذهب اتجاه إلى أنه يجب على طالب التحفيظ أن يرفق طلبه بجميع رسوم التمليك والعقود والصكوك الرسمية والعرفية وسائر الوثائق التي من شأنها أن تعرف بالحقوق العينية المترتبة على العقار، وهو ما يفهم معه حسب هذا الإتجاه أن المحافظ ملزم بفحص المستندات المؤيدة لمطلب التحفيظ.
وذهب اتجاه إلى أنه يمكن لكل شخص أن يطلب تحفيظ أي عقار أو حق عقاري ولو كان لا يتوفر على سندات تثبت له صفة التملك.
في حين نهج ثالث مسلكا وسطيا حيث ذهب إلى أنه على طالب التحفيظ وفقا لمضمون الفصل 14 من ظ.ت.ع أن يعزز مطلبه بجميع الوثائق وسندات التمليك التي تؤيده([10]). وفي حالة عدم وجودها الاكتفاء بالإشارة إلى وجودها لدى الغير إن كانت توجد في حوزته.
ولا ينبغي أن يفهم من كل هذا بأن التحفيظ يتم بمجرد تقديم مطلب التحفيظ ودون وثائق أو مستندات تقرر طلب التحفيظ، كما لا يعني أن يفهم من هذا بأن دور المحافظ يعتبر سلبيا في مثل هذه الحالات([11]).
ومتا يعزز هذا هو المذكرة([12]) الصادر عن المحافظ العام الذي يذكر من خلالها المحافظين العقاريين، تفادي قبول إلتزام طالب التحفيظ بالإدلاء ببعض المستندات مستقبلا.
وبهذا فإن المحافظ ملزم عند تقديم مطلب التحفيظ بمراقبة والتأكد بصفة عامة من أن المستندات المقدمة من طرف النائب نيابة عن القاصر لا تخالف قاعدة قانونية، ويروم من خلال ذلك توفير حماية للقاصر.
ومن هنا يتضح لنا مدى حرص المحافظ على الأملاك العقارية على كفاية العقود والمستندات المدعمة للمطلب، وذلك وعيا منه بأهمية هذا الغير عند اتخاذ قرار التحفيظ وذلك لتوفير أقصى حماية لحقوق القاصر.
الفقرة الثانية: رقابة القضاء
يصعب فصل الحديث في موضوع التعرضات عن المرحلة القضائية بفعل الإرتباط الوثيق بين المشاكل التي تطرحها التعرضات سواء في المرحلة الإدارية أو المرحلة القضائي.
إذن فما هي تجليات حماية القاصر من خلال رقابة القضاء؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال حماية القاصر من خلال مسطرة التعرض (أولا) تدخل النيابة العامة كمظهر من مظاهر حماية القاصر (ثانيا).
أولا: حماية القاصر خلال مسطرة التعرض
إن التعرض هو وسيلة قانونية يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ وذلك خلال الآجال القانونية المقررة، ويهدف التعرض بهذا المعنى إلى توقيف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ وعدم الإستمرار فيها إلى أن يرفع التعرض ويوضع حد للنزاع عن طريق المحكمة أو إبرام صلح بين الأطراف([13]).
لقد منح المشرع المغربي لكل شخص تهمه مسطرة التحفيظ أن يتدخل فيها عن طريق التعرض إذا ظن أن إجراء المسطرة المذكورة يضر بحقوقه([14]). ويمكن أن يقدم التعرض بصفة شخصية أو بواسطة الغير([15]).
كما أعطى المشرع صلاحية التعرض للأوصياء والممثلين الشرعيين ووكيل الملك والقاضي المكلف بشؤون القاصرين([16]).  
وعندما يتعرض الغير بصفته وصيا أو نائبا قانونيا أو وكيلا أن يبرر ذلك بالإدلاء بوثائق صحيحة وأن يعطي البيانات المتعلقة بالحالة المدنية لمنوبه([17]) وذلك فيه حماية للقاصر حتى لا يتم الإضرار بحقوقه.
يسوغ للمحافظ العقاري وأثناء جريان المسطرة قبل توجيه الملف إلى المحكمة المختصة أن يعمل على إجراء تصالح بين أطراف النزاع ويحدد محضر بالصلح وذلك طبقا للفصل 31 من قانون 14.07.
وقد يتنازل المتعرض عن تعرضه في المرحلة الإدارية، أي قبل إحالة الملف إلى المحكمة المختصة، ويقوم المحافظ من التأكد من مدى قانونية هذا التنازل ويقرر التشطيب عليه.
ولا يقبل التنازل عن التعرض إلا من طرف المتعرض شخصيا أو من ينوب عنه بمقتضى وكالة خاصة، إذ يتعرض للإلغاء قرار المحافظ الذي قضى بالتشطيب على التعرض لوقوع التنازل عنه من طرف متعرض لا ينوب عن من قرر التعرض لمصلحته([18]).
ومن هنا يتبين أن المشرع أضحى حماية قانونية لحماية القاصر.


ثانيا: تدخل النيابة العامة كمظهر من مظاهر حماية القاصر
إذا كانت النيابة العامة تضطلع بدور رئيسي ويتمثل في حقها بإقامة وممارسة الدعوى العمومية في الميدان الجنائي، فإن المشرع قد أناط بها عدة إختصاصات لا تقل أهمية عن إختصاصات الأصيل، لكن هذه المرة في الميدان المدني الذي ترتبط بمسائل تمس جهة الحق العام وحقوق المجتمع خاصة حقوق القاصرين([19]).
كما سلف توضيح ذلك، فإن التعرضات تقدم بصفة شخصية لكن القانون يسمح أن تتم بواسطة الغير ومن بينهم وكيل الملك الذي أعطاه المشرع إمكانية ممارسة التعرض نيابة عن القاصر، وذلك حماية له من ضياع حقوقه([20]).
وعليه فالنيابة العامة عندما تتعرض نيابة عن القاصر أو فاقد الأهلية أو المحجور فإنها تتقمص صفة المدعي وبالتالي فلا تناقش حجج طالب التحفيظ إلا إذا قدم المتعرض أو المدعي حججا([21]).
وفي هذا الصدد جاء قرار([22]) للمجلس الأعلى بتاريخ 15-4-1981 ما يلي: المتعرض يحمل صفة مدعي وعلى كاهله يقع عبء الإثبات ولا يكلف طالب التحفيظ بالإدلاء بالحجة إلا إذا أدلى المتعرض بحجة قوية.
وتدخل النيابة العامة كطرف رئيسي يجعلها دائما وأبدا مدعية لأن المتعرض يعتبر بمثابة مدع، فهي تتقاضى كخصم عادي، ولها أن تقدم بما يظهر لها من طلبات، وهي التي تبتدئ الكلام ولا يكون لخصومها الرد عليها أو دحض ما تتقدم به من دفع أو دفاع، ولها الحق في ممارسة كافة الطعون باستثناء التعرض.
والسؤال المطروح هل النيابة العامة عند ممارستها للتعرض باسم الغير تخضع لنفس الشروط التي يخضع لها المتعرض أو الغير والمتعلقة بضرورة إثبات الهوية والإدلاء بالبيانات وإرفاق التعرض بالمستندات والحجج المؤيدة ومن أداء الوجيبة القضائية؟
إن الشرط الأول المتعلق بإثبات الهوية هو شرط غير وارد لما يكون التعرض بتدخل من النيابة العامة، على اعتبار أن هذا الشرط خاص بالأشخاص الذين يقدمون التعرض باسم غيرهم لأن الغاية منه هو ضبط هوية المتعرض لمقارنتها مع الهوية الواردة بصك النيابة الذي بموجبه تثبت الصفة في تقديم التعرض باسم الغير([23]).
أما فيما يخص الشرط الثاني المتعلق بالإدلاء بوثائق صحيحة تثبت الهوية، فإن الشرط بدوره غير وارد لما يمارس التعرض من طرف النيابة العامة، فهذه الأخيرة تستمد صفتها من القانون ودائما هي واحدة متمثلة في النيابة العامة التي يوجد العقار بالدائرة القضائية للمحكمة التي ينتمي إليها.
لكن يجب على النيابة العامة عند التصريح بالتعرض الذي غالبا ما يكون في شكل كتابي يحال على السيد المحافظ أن تشير فيه إلى صفة محرره –وكيل الملك أو نائب وكيل الملك- والمحكمة التي ينتمي إليها واسم المتعرض لفائدته، وحالته القانونية قاصرا، فاقد الأهلية، ونوع الحق المتعرض عليه([24]).
أما بخصوص أداء مبلغ الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة المفروض تأديتها على كل تعرض تحت طائلة إلغاء التعرض من طرف المحافظ العقاري، فإنه لا وجود لنص قانوني يعفي النيابة العامة من أدائها([25]).
كما أن عليها أن تقدم كل البيانات والإثباتات المؤيدة للتعرض ولها متابعة الدعوى إلى أن يصدر بشأنها حكم نهائي([26]).
وتأسيسا على ما سبق، فإن النيابة العامة يجب عليها الإدلاء بالوثائق والحجج المؤيدة للتعرض الذي تقدمه نيابة عن القاصر وإلا تم إلغاء تعرضها.
وعلى العموم فإن ممارسة النيابة العامة لحق التعرض نيابة عن القاصرين يبقى مجرد اختصاص نظري لا يجد سبيلا إلى التطبيق على أرض الواقع حتى ولو توفرت لديها وسائل الإثبات.
هذا فيما يخص حماية القاصر قبل إتخاذ قرار التحفيظ، فماذا عن الحماية المقررة للقاصر بعد إتخاذ قرار التحفيظ، من خلال بعض مبادئ التحفيظ العقاري؟



المطلب الثاني: حماية القاصر من خلال بعض مبادئ التحفيظ العقاري
يقوم نظام التحفيظ العقاري على مجموعة من الأسس والمبادئ التي تهدف في مجملها إلى حماية الملكية العقارية، بهدف إحراز الثقة في التعامل والمرونة في التداول، من أهم هذه الأسس والمبادئ نجد الأثر الإنشائي (فقرة أولى) نجد كذلك مبدأ آخر لا يقل أهمية عن الأول هو مبدأ الأثر التطهيري أو ما يصطلح عليه بقاعدة التطهير (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: الأثر الإنشائي وأثره على حقوق القاصر
يتميز نظام الإشهار العيني بصفة عامة بمجموعة من المبادئ القانونية، بذلك يبقى أهم المبادئ التي يقوم عليها نظام التحفيظ العقاري، نجد مبدأ الأثر الإنشائي أو التأسيس للتقيد الذي يقصد به الوجود القانوني للحق واكتساب صبغة الحق العيني بفعل التقيد للرسم العقاري([27]).
أقر المشرع المغربي من خلال ظهير التحفيظ العقاري قاعدة تفيد بأن للتقيد أثرا منشئا للحق، بمعنى أن التصرفات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية المترتبة على العقارات المحفظة لا تنشأ إلا بمقتضى واقعة التقييد في الرسم العقاري دون الاعتداد بأي وسيلة أخرى، بالتالي فإنه لا يمكن الاحتجاج بأي حق غير مقيد بالرسم العقاري.
تم تكريس هذا المبدأ في الفصلان 66-67 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بمقتضى القانون 14.07، كما يتأكد هذا المبدأ من خلال المادة 2 من مدونة الحقوق العينية([28]).
بالتالي فالحماية القانونية التي أحاط بها المشرع القاصر وناقص الأهلية الذي يعتبر مبدئيا جميع تصرفاته باطلة لإنعدام أهليته([29]).
غير أنه تجب الإشارة إلى أن هناك مجموعة من الإستثناءات الواردة على هذا المبدأ والمعافاة من الأثر التأسيسي، أهمها الحقوق الإرثية التي تنتقل بفعل الوفاة، لهذا فتقيدها يكون فقط للإحتجاج بها تجاه الغير.
من بين الإستثناءات كذلك نجد ما يسمى بالإرتفاقات القانونية والطبيعية حيث تعتبر موجودة ولو لم يتم تقيدها، أي التحملات التي يتحمل بها العقار لفائدة عقار آخر مثلا الأسلاك الكهربائية وكذا الإرتفاقات الطبيعية.
بناءا على ما سبق يمكن التساؤل حول ما إذا كانت كل التقيدات الواردة على الرسم العقاري تتمتع بهذه الحجية القانونية؟ أم أن الأمر يقتصر فقط على الحقوق العينية المتميزة بالثبات والاستقرار دون باقي التقيدات التي لها طابع شخصي كالبيانات المتعلقة بالحالة المدنية؟ بمعنى آخر هل السجل العقاري يعتبر حجة على الحالة المدنية وأهلية الأشخاص المقيدين به أم أن الحجية تتمتع بها الحقوق العينية فقط؟
لكل هذا وذاك ثار نقاش فقهي وقضائي حول اعتبار السجل العقاري حجة على البيانات المتعلقة بالحالة المدنية وأهلية الأشخاص المقيدين به، أم أن الحجية تتمتع بها الحقوق العينية فقط.
في هذا الإطار ذهب الأستاذ محمد خيري إلى القول "بأن البيانات المقيدة بالرسم العقاري والمتعلقة بالحالة المدنية للأطراف وهويتهم وعنوانهم لا يمكن إعطاؤها نفس الحجية التي تكون للبيانات الأخرى المتعلقة بالحق ذاته، لأنها ليست من الحقوق العينية بل تبقى مجرد بيانات هي بيانات غير ثابتة بل هي خاضعة للتغير بفعل الزمان.
يبرر الأستاذ محمد خيري موقفه هذا بأن حجية بالرسم العقاري لا ينبغي أن تصل إلى إضفاء المشروعية على تصرف غير مشروع ولا على إضفاء الأهلية كل شخص لا يتوفر عليها لأن أحكام الأهلية تتعلق بالنظام العام([30]).
في نفس الاتجاه يذهب الدكتور مأمون الكزبري الذي يعتبر من درجات السجل العقاري المتعلقة بالأهلية بصورة أعم بالحالة المدنية للأشخاص ليست لها حجية مطلقة، وأن هذه الحالة المدنية تحدد وقت التسجيل في ضوء المستندات التي تقدم للمحافظة والتحقيقات التي يقوم بها المحافظ.
ويضيف قائلا أن "الحقوق التي لا يمكن التمسك بإبطالها في مواجهة الغير هي الحقوق العينية المترتبة على العقار المحفظ، بديهي أن الحقوق العينية هذه التي تتسم بالطابع المالي لا يتسع نطاقها للبيانات المتعلقة بحالة الأشخاص المدنية وبأهليتهم أو بجنسيتهم"([31]).
في حين يرى الدكتور عبد العالي الدقوقي أن انعدام أو نقصان الأهلية من الأشياء التي لا يمكن أن تمتد إليها رقابة المحافظ، مما يتنافى وإضفاء أية حجية قانونية على البيانات المتعلقة بها، بل إن إضفاء هذه الحجية من شأنه أن يتعارض مع مبدأ شخصية القوانين المنصوص عليه في الفصل الثالث ق.ل.ع، حيث أن الأهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية، من ثم فإخضاع أحكام الأهلية للقوة الثبوتية سيؤدي إلى إستبعاد أساليب الحماية المقررة لفائدة هذه الفئة([32]).
أما على مستوى الإجتهاد القضائي فقد سبق لمحكمة النقض أن أصدرت قرار بنقض قرار محكمة الإستئناف بالرباط الذي يقضي ببطلان بيع منصب على عقار محفظ عقده قاصر دون إذن الوصي والقاضي المختص، ذلك بعلة أن نقص الأهلية لم يكن مسجلا في رسم الملكية([33]).
حيث نجد المشرع المغربي سعيا منه لتعزيز مبدأ استقرار المعاملات لتحقيق الأمن القانوني والعقاري مكن المحافظ من آليات قانونية تخوله مراقبة مختلف العمليات العقارية الواردة سواء على العقار المحفظ أو في طور التحفيظ.
بل إن النصوص التشريعية التي تناولت نوع بيانات الحالة المدنية التي ينبغي تضمينها بالسجل العقاري كالفصلين 13و55 قانون التحفيظ العقاري عكس شعور المشرع بأن المحافظ لا يمكنه ممارسة رقابة مشددة بهذا الشأن، بذلك المحافظ لا يمارس في حقيقة الأمر سوى رقابة بسيطة تتمثل في مقارنة معطيات الحالة المدنية المثبتة بالوثائق التي يتم الإدلاء بها أمامه بتلك الموجودة بالرسم العقاري، هذا أقصى ما يمكن فعله ما دام أنه لا يتوفر على الآليات القانونية الضرورية لممارسة رقابته.
كما يستفاد من مقتضيات المادة 72 حيث أن المحافظ يراقب تحت مسؤوليته هوية وأهلية الشخص دون عوارض الأهلية التي لا تمتد إليها رقابة المحافظ.
من خلال ما سبق فمعطيات الحالة المدنية من الأمور التي يتعذر أن تمتد إليها رقابة حقيقية من المحافظ، هذا ما يتنافى والأثر الإنشائي هو ما من شأن ذلك أن يؤدي إلى استبعاد الحماية المقررة لفائدة ناقص وفاقدي الأهلية التي ما لبثت أن كرستها كل من مدونة الأسرة و ق.ل.ع([34]).
وعليه فقد تم العمل على تكريس من خلال مجمل هذه التوجهات الفقهية على عدم تمتيع بيانات الحالة المدنية بالأثر الإنشائي واعتبارها بالإضافة لذلك استثناء آخر من الإستثناءات الواردة أعلاه.
هذا بخصوص الأثر الإنشائي، فماذا عن قاعدة الأثر التطهيري؟
الفقرة الثانية: الأثر التطهيري وأثره على حقوق القاصر
يترتب عن تحفيظ العقار تطهيره من جميع الحقوق العينية السابقة غير المسجلة أثناء التحفيظ، حيث يصبح رسم الملكية المؤسس بمقتضى قرار التحفيظ ذو صفة نهائية غير قابلة للطعن وكذا نقطة الإنطلاق الوحيدة للحقوق العينية والعقارية المترتبة على العقار عند تحفيظه طبقا لما جاء في الفصلين 2 و62 من ظهير 12 غشت 1913 المعدل والمتمم بمقتضى قانون 14.07([35]).
بذلك فتطهير العقار هو نتيجة مباشرة لتحفيظ العقار وتأسيس الرسم العقاري بل إن هذا التطهير هو الهدف المباشر والأسمى من وراء مسطرة التحفيظ ككل طبقا لما ينص عليه الفصل الأول كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم 14.07([36]).
يمكن تعريف قاعدة التطهير بأنها تطهير العقار من جميع الحقوق التي كانت عالقة به ولم يطالب بها أثناء مسطرة التحفيظ، وتكون بذلك القاعدة التي يقررها الفصل 64 من نفس القانون نتيجة منطقية للقاعدة السابقة([37]).
إلا أن قاعدة التطهير ترد عليها بعض الإستثناءات بالنظر لطبيعة بعض العقارات ذات المنفعة العامة كأملاك الدولة العامة والخاصة، أراضي الأوقاف.إلا أن الإشكال المطروح هل الوعد بالبيع والخلف الخاص يعتبران إستثناءا لهذه القاعدة؟       
بحيث يطرح السؤال هل للواعد صاحب العقار الذي صدر في اسمه قرار تحفيظ العقار موضوع عقد الوعد بالبيع أن يتذرع بالأثر التطهيري للرسم العقاري؟ بذلك ما الآليات المتاحة للموعود له لإجبار الملتزم بإبرام عقد بيع نهائي تنفيذا للإلتزامه؟
اتجه بعض الفقه إلى إمكانية استناد الموعود له إلى مقتضيات الفصل 12 من قانون 39.08 الذي ينص: كل دعوى ترمي إلى استحقاق أو حماية حق عيني واقع على عقار يعتبر دعوى عينية عقارية.
هذا ما سار عليه موقف محكمة الإستئناف بالجديدة: تماشيا مع قرار محكمة النقض الصادر في موضوع النازلة يتضح أن الوعد بالبيع حق شخصي غير قابل للتسجيل في الرسم العقاري بالتالي غير خاضع للتقيد لا إحلالا ولا إيداعا، بل هو التزام شخص لا حق عيني لا يخضع لقاعدة التطهير طبقا للفصل 2 من ظهير التحفيظ([38]).
كذلك الأمر بالنسبة للخلف الخاص الذي يتقاعس عن إيداع لما تلقاه من حقوق مباشرة من صاحب العقار موضوع مسطرة التحفيظ الذي أثار نقاشا فقهيا وقضائيا حادا بين من يؤكد على أنه استثناء من الإستثناءات الواردة على قاعدة التطهير([39])، وبين من يعتبر عكس ذلك([40]).
قد صدر عن المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا قرارات عديدة تؤكد كلها على أن هذه العقارات لا تقبل التصرف ولا تخضع لتقادم ( أملاك الدولة العامة  أراضي الأوقاف ... ) ولا يمكن أن تتأثر بقرار التحفيظ، فنسوق على سبيل المثال القرار المؤرخ في 30 نونبر 1989 الذي جاء فيه: حيث إن المحكمة استخلصت من الوثائق المدلى بها أن موضوع النزاع هو عبارة عن جزء من غابة الأرز الواقعة بين إقليمي شفشاون والحسيمة، أن الشأن في الغابة أنها ملك للدولة، وأملاك الدولة لا يمكن تفويتها للغير ولا يلحقها أي تقادم مكسب بالتالي فإن حيازة الطاعن لجزء من الغابة إن كان معترف له بها إلا أنها لا تفيد في شيء([41]).
ليطرح السؤال هل تشكل حقوق القاصر الناشئة قبل تأسيس الرسم العقاري استثناءا آخر من الإستثناءات الواردة على قاعدة التطهير؟
بالرجوع إلى أغلب الكتابات المتعلقة بالتحفيظ العقاري والتي أمكننا الإطلاع عليها، لم تجد من تطرق لهذه النقطة بالدراسة والتحليل.
بالتالي فإن القاصر شأنه شأن الراشد إذ كانت له حقوقا عينية على عقار محفظ قبل تأسيس وإقامة الرسم العقاري فإنه يواجه بالأثر التطهيري للرسم العقاري.
بالتالي فإذا كانت القواعد العامة توفر ضمانة هامة للقاصرين في حماية حقوقهم، سواء في إطار الفصل 6 ق.ل.ع الذي يعطي للقاصر الطعن في الإلتزام بعد بلوغه سن الرشد، كذلك ما نص عليه الفصل 312 ق.ل.ع الذي جعل من حالة القصر سببا لوقف تقادم دعوى إبطال التصرفات الضارة بالقاصر.
لذلك فإن المقتضيات السابقة والخاصة بالأثر التطهيري تجعلها فارغة من محتواها ما دام أن القاصر سيواجه بهذه القاعدة على غرار باقي الأفراد الراشدين.
هكذا يتضح أن قاعدة التطهير تساهم في إضعاف وإنقاص الحماية القانونية المقررة لحقوق القاصر المنصبة على عقار قبل تأسيس الرسم العقاري.
خاتمة:
بعد هذه الإطلالة على موضوع حماية القاصر في بعض أطياف التشريع المدني يمكن القول بأن القاصر حظي بالرعاية من العديد من الجوانب، وذلك لكونه يعتبر موضوعا حقوقيا بامتياز، مشترك بين جميع الحضارات الإنسانية، وكذا الديانات السماوية والقوانين الوضعية، فالإهتمام بحقوق القاصر وبمدى احترامها لم يبقى منحصرا في ميدان معين أو مقتصرا على فئة محددة بل تجاوز المهتمين بها إلى كل البقاع.
فالقاصر بالنسبة لأسرته ومجتمعه يشكل قاعدة المستقبل، لدى نجد أن المشرع المغربي كان حريصا إلى حد ما على حماية هذه اللبنة وأحاطها بالرعاية من نشأتها وولادتها إلى حين بلوغها سن الرشد بالنسبة للقصر على مستوى السن أو إلى حين وفاته أو إفاقته بالنسبة للقاصر على مستوى العقل.
لكن إذا كان المشرع حمى القاصرين من كل انحراف واستغلال وضمن حقوقهم في جل القوانين بنصوص قانونية صريحة، إلا أن هذا لا يكفي لينعم القاصر بالحماية بل لابد من موازاة مع ذلك أن يتم العمل على تطوير الأجهزة والمؤسسات المكلفة بشؤون القاصرين وتدعيم الإمكانيات المادية والنفسية الموجود في هذا المجال.




المبحث الاول
[1]- عبد العالي الدقوقي: النظرية العامة للإلتزامات، طبعة 2015، مطبعة سجلماسة ، مكناس، ص 1.
[2] - عبد العالي الدقوقي: مرجع سابق، ص 76.
[3] - الطيب الفصايلي: النظرية العامة للإلتزام، مصادر الإلتزام، ج 1، دار الكتاب الوطني، الطبعة 2، 1997، ص 68.
[4] - عزيز اعميلة: دور قاضي شؤون القاصرين في حماية القصر والأطفال المهملين، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية 2011-2012، ص 1.
[5] - عزيز أعميلة، مرجع سابق، ص 10.
[6] - المرحوم والفقيه عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، دار النهضة العربية بالقاهرة، مصر ص 202.
[7] - رشيد صبيح: دراسة في الجوانب القانونية والعملية لإدارة أموال القاصر، مجلة المنارة، العدد 10 سنة 2016، ص 30.
[8] - المادة 231 من مدونة الأسرة.
[9] - حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية الدار البيضاء أنفا بتاريخ 7-2-2000 تحت عدد 307، منشورات ودراسات قضائية للأستاذ محمد بفقير، الطبعة الأولى، ص 209
[10] - المادة 238 من مدونة الأسرة في فقرتها الأخيرة.
[11] - المادة 246 من مدونة الأسرة.
[12] - المادة 247 من مدونة الأسرة.
[13] - دورية السيد وزير العدل رقم 52 الصادر بتاريخ 2-2-2005 حول تطبيق مقتضيات المواد 231 و240 و250 من مدونة الأسرة، منشورات ودراسات قضائية للأستاذ محمد بفقير، الطبعة الأولى، ص 210.
[14] - إدريس العلوي العبدلاوي: المدخل لدراسة القانون، الجزء الثاني، نظرية الحق، 1987، ص 260.
[15] - بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، حماية القاصر في مدونة الأسرة، من إعداد الملحقين القضائيين، محمد الصدوفي ورشيد عددي، فترة التدريب 2008-2010، ص 74-75.
[16] - المادة 209 من مدونة الأسرة.
[17] - قرار عدد 313 مؤرخ في 31/5/2011 ملف شرعي عدد 753/2/1/2009، منشورات مجلة القضاء المدني، الجزء الثاني، ص 308.
[18] - بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، مرجع سابق، ص 76.
[19] - الأستاذ محمد الشرقاني: النظرية العامة للإلتزام –نظرية العقد- طبعة 2004-2005،مطبعة سجلماسة،مكناس  ص 84.
[20] - المادة 244 من مدونة الأسرة.
[21] - حكم رقم 3569 ملف رقم 2418/1620/16 بتاريخ 22/11/2016 صادر عن المحكمة الإبتدائية بمكناس (غير منشور).
[22] - رشيد صبيح، مجلة المنار، مرجع سابق، ص 51.
[23] - "يسأل الوصي أو المقدم عن الإخلال بالتزاماته في إدارته شؤون المحجور وتطبق عليه أحكام مسؤولية الوكيل بأجر..."
[24] - الأستاذ محمد الشرقاني: النظرية العامة للإلتزام (العقد)، مرجع سابق، ص 84.
[25] - المرحوم الفقيه عبد الرزاق السنهوري: شرح القانون المدني، نظرية العقد، دار النهضة العربية بالقاهرة مصر، ص 225.
[26] - الأستاذ عبد الرزاق السنهوري، مرجع سابق، ص 204.
[27] - الأستاذ محمد الشرقاني: مرجع سابق، ص 85.
[28] - الأستاذ عبد العالي الدقوقي، الوجيز في القانون المدني، طبعة 2017، مطبعة سجلماسة، مكناس ص 62.
[29] - الأستاذة فريدة المحمودي: محاضرات في النظرية العامة للإلتزام، طبعة 2005-2006، مطبعة ووراقة سجلماسة ، مكناس ، ص 131.
[30] - المادة 880 من ق.ل.ع.
[31] - عبد الكريم شهبون: الشافي في شرح قانون الإلتزامات والعقود، الجزء الثالث، مطبعة النجاح، ص 78.
[32] - المادة 920 من قانون ل.ع " إذا أبرم الوكيل العقد باسمه الشخصي، كسب الحقوق الناشئة عنه، وظل ملتزما مباشرة تجاه من تعاقد معهم كما لو كانت الصفقة لحسابه ولو كان هؤلاء قد علموا بأنه مغيرا اسمه أو أنه وكيل بالعمولة".
[33] - الأستاذ محمد الشرقاني: النظرية العامة للإلتزامات، مرجع سابق، ص 88.
[34] - عبد الكريم شهبون، مرجع سابق، ص 80.
[35] - محمد الشرقاني: النظرية العامة للإلتزامات، مرجع سابق، ص 89.
[36] - المادة 927 من ق.ل.ع "لا يلتزم الموكل بما يجريه الوكيل خارج حدود وكالته أو متجاوزا إياها، إلا في الحالات الآتية:
- إذا أقره ولو دلالة.
- إذا استفاد منه.
- إذا أبرم الوكيل التصرف بشروط أفضل مما تضمنته تعليمات الموكل.
[37] - أحمد المحجوبي: دور القضاء في حماية أموال القاصر وفق القانون المغربي، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، ظهر المهراز فاس، 2012/2013، ص 38.
[38] - ينص الفصل 11 من ق.ل.ع على: "الأب الذي يدير أموال ابنه القاصر أو ناقص الأهلية والوصي والمقدم .... لا يجوز لهم إجراء أي عمل من أعمال التصرف على الأموال ..... إلا بعد الحصول على إذن خاص بذلك من القاضي المختص، ولا يمنح هذا الإذن إلا في حالة الضرورة أو في حالة النفع البين..."
[39] - المادة 240 من مدونة الأسرة: "لا يخضع الولي لرقابة القضاء القبلية في إدارته لأموال المحجوز"
[40] - عبد العالي الدقوقي: أهم مظاهر حماية القاصر على ضوء إزدواجية التنظيم القانوني لبعض أحكامه في التشريع المدني المغربي.مداخلة في ندوة: الأسرة بين التشريع والقضاء ومتطلبات التنمية المنظمة من طرف كلية الحقوق بمكناس يومي 25-26 ماي 2007 مطبعة مرزاق مكناس طبعة الأولى 2008 ص 255
[41] - قرار المجلس الأعلى عدد 290 المؤرخ في 25/01/2003 عدد 230/1/1/2003 وارد في كتاب مليكة الغنام: إدارة أموال القاصر على ضوء التشريع المغربي والعمل القضائي، طبعة 3، 2010، ص 120.
[42] - منشور وزير العدل رقم 52 الصادر بتاريخ 2005/02/02 حول تطبيق مقتضيات المواد 231 و240 و250 من مدونة الأسرة، وارد في كتاب محمد بفقير، مدونة الأسرة والعمل القضائي المغربي، ص 210.
[43] - مليكة الغنام: مرجع سابق، ص 120-121.
[44] - يوسف مختري: بحث تأهيلي في إطار دبلوم الدراسات العليا "أحكام بيع أموال القاصر في التشريع المغربي"، 2006-2007 ص 34
[45] - مليكة الغنام مرجع سابق، ص 196.
[46] -أنظر الفصل 11 من قانون الالتزامات والعقود.
[47] - قرار صادر عن إستئنافية مراكش في ملف عقاري عدد 731/89 بتاريخ 12/09/1989 وارد في كتاب مليكة الغنام، مرجع سابق، ص 120.
[48] قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 14/05/1991 ملف شرعي عدد 5433/88 مأخوذ من كتاب مليكة الغنام، مرجع سابق، ص 120.
[49] - الهلالي عبد المجيد، الهلالي عبد الغني، الإجراءات القانونية والمسطرية لبيع منقولات وعقارات القاصر بالمزاد العلني بحث لنيل شهادة الإجازة في القاون الخاص كلية الحقوق مكناس 2015-2016، ص 36.
[50] - عزيز أعميلة، م.س، ص 91.
[51] - مليكة الغنام، مرجع سابق، ص 205.
[52] - إن مسألة التعارض ما بين المادة 240 من مدونة الأسرة والفصل 11 من ق.ل.ع قد تم الحسم فيها في إطار حديثنا عن موجبات بيع منقولات القاصر في أولا من الفقرة الأولى.
[53] - أحمد المحجوبي، م.س، ص 48.
[54] - فريد الزهراوي، الإذن القضائي في مدونة الأسرة رسالة لنيل دبلوم الماستر في الأسرة والتنمية كلية الحقوق مكناس 2012-2013، ص 59.
[55] - مليكة الغنام، مرجع سابق، ص 207.
[56] - عبد العالي الدقوقي: أهم مظاهر حماية القاصر على ضوء ازدواجية التنظيم القانوني لبعض أحكامه في التشريع المدني المغربي، مداخلة ندوة "الأسرة بين التشريع والقضاء ومتطلبات التنمية"
[57] - مليكة الغنام، م.س، ص 211.
[58] - مليكة الغنام، م.س، ص 212.
[59] - أحمد المحجوبي، م.س، ص 51.
[60] - الهلالي عبد المجيد والهلالي عبد الغني: بحث لنيل شهادة الإجازة في القانون الخاص تحت عنوان "الإجراءات القانونية والمسطرية لبيع منقولات وعقارات القاصر بالمزاد العلني، صفحة 58، السنة الجامعية 2015/2016.
[61] - مليكة الغنام، مرجع سابق، ص 213.
[62] - عزيز اعسيلة، مرجع سابق، ص 97.
[63] - أمر رقم 11(2) في الملف الشرعي 21/07 بتاريخ 13/07/2012.
[64] - إذن بيع سيارة محجوز بالمزاد العلني صادر عن قاضي شؤون القاصرين بالمحكمة الإبتدائية بمكناس ملف النيابة القانونية رقم 48/1997 إذن رقم 57/2016 الصادر في 29/06/2016.
[65] - مليكة الغنام، مرجع سابق، ص 200.
[66] - المادة 205 ق.م.م.
[67] - المادة 206 ق.م.م.
[68] - عزيز أعميلة، م.س، ص 97.
[69] - قرار صادر عن محكمة الاستئناف بمكناس بتاريخ 3/11/2011، غير منشور .
[70] - الهلالي عبد المجيد، الهلالي عبد الغني، مرجع سابق، ص 64.
[71] - حكم المحكمة الإبتدائية بمراكش بتاريخ 18/07/2013 في الملف رقم 111/1401/2013.
[72] - مليكة الغنام، مرجع سابق، ص 216.
[73] - الهلالي عبد المجيد، الهلالي عبد الغني،. مرجع سابق، ص 67


المبحث الثاني

[1]- عمر أزوكار: مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء قانون 14.07 ومدونة الحقوق العينية، الطبعة الأولى 1433-2012، ص 50.
[2] - محمد خيري: الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب، مكتبة المعارف، الطبعة الأولى، رقم الإيداع القانوني 593-1986، ص 126.
[3] - المصطفى الكيلة: خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2009-2010، ص 29.
[4] - قرار المجلس الأعلى صادر بغرفتين بتاريخ 15 دجنبر 1976 في الملف المدني عدد 74، وارد في مبادئ القرارات الصادرة بهيئة مشكلة من غرفتين أو من جميع غرف المجلس الأعلى (1957-2009)، إدريس بلمحجوب، طبعة أولى 2009، ص 40.
[5] - رشيد الفرخي: دور المحافظ العقاري في مراقبة المحررات وتقييد الأحكام في السجلات العقارية، بحث تكتمل به الوحدات الواجب إستيفاؤها لنيل دبلوم الماستر في الدراسة الميتودولوجية لقانون الإلتزام التعاقدي والعقار، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس، السنة الجامعية 2007-2008، ص 11
[6] - مذكر المحافظ العام تحت عدد 5656 بتاريخ 12 ماي 2010، واردة في القواعد الموضوعية والشكلية في مساطر المنازعات العقارية، الجزء الثالث، الطبعة الأولى 2012، ص 340.
[7] - عمر أزوكار، مرجع سابق، ص 70.
[8] - عبد العالي الدقوقي، المعزوز البكاي، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري، مطبعة سجلماسة الزيتون مكناس، سنة 2016-2017، ص 44-45.
[9] - محمد خيري: حماية الملكية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب، ص 136.
[10] - المصطفى الكيلة، مرجع سابق، ص 63-64.
[11] - محمد خيري، مرجع سابق، ص 138.
[12] - مذكر المحافظ العام تحت عدد 5656 بتاريخ 12 ماي 2010، واردة في القواعد الموضوعية والشكلية في مساطر المنازعات العقارية، الجزء الثالث، الطبعة الأولى 2012، ص 340.
[13] - محمد خيري: الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب، مرجع سابق، ص 213.
[14] - محمد خيري: حماية الملكية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مرجع سابق، ص 175.
[15] - عمر أزوكار، مرجع سابق، ص 100.
[16] - نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية (قراءة في مستجدات القانون رقم 14.07) مطبعة الأمنية، سلسلة دفاتر محكمة النقض، 21، طبعة 2015، ص 111.
[17] - محمد خيري: الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب، مرجع سابق، ص 224.
[18] - عمر أزوكار، مرجع سابق، ص 152.
[19] - حسام الدين البجدايني: الدور الإنضمامي للنيابة العامة في الدعاوى المدنية، باحث في قانون العقود والعقار، مقال منشور بمجلة القضاء والقانون، مطبعة الأمنية، الرباط، العدد 16، سنة 2016، ص 119.
[20] - محمد عتيق نائب وكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بني ملال، دور النيابة العامة في التحفيظ العقاري، مداخلة في الندوة الجهوية الخامسة "المنازعات العقارية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى" المنظمة بالقاعة الكبرى لولاية الشاوية ورديغة سطات 26-27 أبريل 2007، ص 260.
[21] - محمد بوعياد، دور النيابة العامة في القضايا المدنية –قضايا التحفيظ العقاري نموذجا- بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، فترة التمرين 2011-2013، ص 48.
[22] - قرار المجلس الأعلى صادر بتاريخ 15-4-1981 في الملف المدني عدد 71767، وارد في كرونولوجيا الإجتهاد القضائي في مادة العقار والأحوال الشخصية، الطبعة الأولى 2004، ص 25.
[23] - محمد العتيقي، النيابة العامة ومسطرة التحفيظ العقاري، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام، وحدة التكوين والبحث في قانون المنازعات العمومية، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، 2012-2013، ص 77-78.
[24] - حسام الدين البجدايني، دور النيابة العامة في نزاعات التحفيظ العقاري، مقال منشور بمجلة القضاء والقانون مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2016، ص 16.
[25] - محمد عتيق نائب، مرجع سابق، ص 261.
[26] - حسام الدين البجدايني، مرجع سابق، ص 17-18.
[27] - عبد العالي الدقوقي: أهم مظاهر حماية القاصر على ضوء ازدواجية التنظيم القانوني لبعض أحكامه في التشريع المدني المغربي، مرجع سابق، ص 256.
[28] - عبد العالي الدقوقي، مرجع سابق، ص 176.
[29] - الفصل 6 من قانون الإلتزامات والعقود الذي ينص: يجوز الطعن في الإلتزام من الوصي أو من القاصر بعد بلوغه رشده، لو كان هذا الأخير قد استعمل طرقا احتيالية من شأنها أن تحمل المتعاقد الآخر على الاعتماد برشده أو بموافقة وصيه أو بكونه تاجر.
[30] - محمد خيري: العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق ص 627.
[31] - مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي، الجزء الأول، التحفيظ العقاري، الطبعة الثانية سنة 1987 العربية للطباعة والنشر، ص 176.
[32] - عبد العالي الدقوقي: "الإلغاء والتشطيب في التشريع المغربي، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، أكدال، 2001-2002، ص 290.
[33] - قرار صادر بتاريخ 4/7/1957 دون ذكر رقم الحكم ورقم الملف، أورده الدكتور مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص 174.
[34] - عبد العالي الدقوقي: أهم مظاهر حماية القاصر على ضوء ازدواجية التنظيم القانوني لبعض أحكامه في التشريع المدني المغربي، مرجع سابق، ص 257
[35] - المصطفى الكيلة، مرجع سابق، ص 90.
[36] - ينص الفصل الأول من ظهير التحفيظ العقاري: يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد ويقصد به:
- تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به
- تقييد كل التصرفات والوقائع الرامية إلى تأسيس أو نقل أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية أو التحملات المتعلقة بالملك، في الرسم العقاري المؤسس له.
[37] - عبد الرزاق التغزاوي: أحكام قاعدة التطهير في القانون المغربي، دراسة نظرية تحليلية وفق مستجدات التحفيظ العقاري على ضوء قانون 14.07 ومدونة الحقوق العينية 39.08، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، 2012-2013، ص 9.
[38] - عبد الرزاق التغزاوي، مرجع سابق، ص 40.
[39] - الذي تضاربت بشأنه بعض أحكام وقررات الصادرة عن محاكم المملكة بعض المحاكم اتجهت إلى اعتبار أن التطهير لا يطبق على حق الملكية الذي كان تعاقد عليه صاحب العقار قبل التحفيظ إن المشتري محق المطالبة بملكية هذا العقار حتى بعد التحفيظ.
كما جاء في قرار محكمة الاستئناف بالرباط أورده عبد الرزاق التعزاوي، أحكام قاعدة التطهير في القانون المغربي، ص 41.
[40] - في حين اتجه المجلس الأعلى سابقا إن عدم إبراز المشتري الأرض عقد شراء أثناء مسطرة التحفيظ من شأنه أن يجعل عقد لشراء بمجرد إنجاز التحفيظ وغير قابل للإجازة كل ما يبقى هو استرداد ما دفع من أصل ونفقات. قرار المجلس الأعلى دون ذكر رقم الملف والعدد، أورده عبد الرزاق التعزاوي، مرجع سابق، ص 41.
[41] - قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 390 في الملف المدني عدد 84421/88 مؤرخ في 30/11/1989 أورده أجرعام عبد الله "حجية القيد بالرسم العقاري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون المدني، جامعة الحسن الثاني، عيد الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2011-2012، ص 36.




تعليقات

المشاركات الشائعة