النفاذ المعجل في القانون المغربي



مقدمة

إن الثمرة من إقامة الدعاوى لدى المحاكم و الجهات القضائية، هو الحصول على الحق و التمكن منه عن طريق تنفيذه على أرض الواقع دون إبطاء، وذلك بحصول المحكوم له على حقه الشرعي و القانوني بأسرع وقت ممكن، لأن تأخير الحق عن صاحبه دون سبب صحيح يعتبر من الظلم .

إلا أن الملاحظ في المحاكم، هو تأخر تنفيذ الأحكام القضائية، وذلك عائد لكثرة القضايا، إضافة إلى استناد قانون المسطرة المدنية على المواعيد و المدد الإجرائية المتعددة، و المقصود بها توخي مزيد من العدالة بين أطراف الخصومة، بإعطاء كل خصم فرصته الكافية للعلم بالقضية و الرد عليها .

و قانون المسطرة المدنية يفرض احترام تلك المواعيد و المدد التي نص عليها، و التي لا يمكن الوصول إلى تنفيذ الحكم إلا بعد استكمالها، وهي تبدأ من وقت تقديم المدعي لدعواه، مرورا بإبلاغ خصمه، و عقد الجلسات، تم الحكم الذي يأتي بعد فترة الطعن .

إلا أن حياة الإنسان لا تسير على نمط واحد، فيوجد بها من التعدد و التداخل بين جوانبها الاجتماعية و الاقتصادية و النفسية، الفردية و الأسرية، مما يولد ظروفا وحالات تستلزم اختصار كثير من المواعيد القضائية، و العمل على سرعة تنفيذ الحكم القضائي بإعطاء الحق لصاحبه، على الأقل بشكل مؤقت أو حماية ذلك الحق من الاعتداء عليه حتى التأكد من الموضوع .

فكان العلاج هو نظام النفاذ المعجل للأحكام القضائية، موضوع هذه الدراسة، الذي بارتباطه و تكامله مع القضاء المستعجل، اختصر تلك المواعيد و المدد، مراعاة لحاجة صاحب الحق و مصلحته من الخطر المحدق . 

و المشرع المغربي تبنى " مؤسسة النفاذ المعجل " انطلاقا من المادة 147 من قانون المسطرة المدنية، وتناولها بشكل من الاقتضاب مما أسفر عنه بروز العديد من الإشكالات القانونية و العملية، التي يقابلها سكوت المادة 147 و ما يكتنفها من غموض و عدم بيان المسطرة الكفيلة بتحريك دعوى النفاذ و مسطرة وقف تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ العجل مما يحيل إلى القواعد العامة التي هي الأخر تثير إشكالات قضائية و فقهية .   

أهمية الدراسة :

تظهر أهمية الموضوع من خلال الجانبين العلمي و العملي :

من الجانب العلمي : إلقاء الضوء على مؤسسة مهمة في قانون المسطرة المدنية المغربي، تعالج الحالات و القضايا التي لا تحتمل تأخير تنفيذ الأحكام الصادرة فيها لظروف خاصة، و معرفة المدعي لحق من حقوقه في الدعوى و هو إمكانية مطالبته التنفيذ المعجل للحكم إن صدر في صالحه .

من الجانب العملي : معالجة الإشكالات التي تطرحها مؤسسة النفاذ المعجل في القانون المغربي، وبيان التوجهات الفقهية و القضائية بشأن هذه المؤسسة . 



إشكالية الموضوع :

إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال تبنيه لمؤسسة النفاذ المعجل التوفيق بين مصلحة المحكوم له و المحكوم علية ؟

هذه الإشكالية تتفرع إلى مجموعة من الأسئلة الفرعية :

_ ما المقصود بمؤسسة النفاذ المعجل ؟

_ ما هي حالات النفاذ المعجل ؟

_ ما هي الضمانات المخولة للمحكوم عليه في مواجهة الحكم المشمول بالنفاذ المعجل ؟

خطة الدراسة : 

للإجابة عن الإشكالية المطروحة و ملامسة حيثيات الأسئلة المتفرعة عنها اعتمدنا التصميم التالي :

_ المبحث الأول : الأحكام العامة للنفاذ المعجل 

 المطلب الأول : ماهية النفاذ المعجل 

المطلب الثاني : حالات النفاذ المعجل

الفقرة الأولى : النفاذ المعجل الجوازي 

الفقرة الثانية : النفاذ المعجل القانوني 

_ المبحث الثاني : وقف تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل

المطلب الأول : شروط وقف التنفيذ

الفقرة الأولى : الشروط الموضوعية لوقف التنفيذ

الفقرة الثانية : الشروط الشكلية لوقف التنفيذ 

 المطلب الثاني : الحكم في دعوى وقف التنفيذ 

الفقرة الأولى : الجهة المختصة للبت في طلب وقف التنفيذ

الفقرة الثانية : سلطة المحكمة في الحكم بوقف التنفيذ



المبحث الأول : الأحكام العامة للنفاذ المعجل.

        إذا كان المشرع المغربي سمح بإمكانية تنفيذ الأحكام والأوامر القضائية قبل الأوان، أي قبل صيرورة السند التنفيذي باستنفاذه طرق الطعن العادية المقررة وقبل فوات أجلها، بمعنى أن المشرع أجاز تنفيذ الأحكام رغم قابليته للتعرض والاستئناف وهو ذلك امتياز ممنوح للمحكوم له بتنفيذ حكمه بمجرد صدوره أي قبل الوقت المحدد لإجرائه ويدعى تنفيذا مؤقتا لأن صحته متوقفة على النتيجة النهائية للطعن في الحكم بالتعرض أو الاستئناف هذا ما يصطلح عليه بالتنفيذ المعجل، إن طبيعة الموضوع تقتضي علينا دراسة الأحكام العامة للتنفيذ المعجل وذلك بتحديد ماهية هذا النوع من التنفيذ (المطلب الأول) على أن نقف في (المطلب الثاني) على أنواعه.

المطلب الأول : ماهية التنفيذ المعجل

الفقرة الأولى : مفهوم التنفيذ المعجل.

         إن الأصل في تنفيذ المقررات القضائية عدم جواز التنفيذ إلا إذا كان الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به إلا أن هناك استثناء من هذه القاعدة وهو التنفيذ المعجل، هو وصف يلحق بالحكم يجعله صالحا للتنفيذ الجبري يتضمن تعجيلا لتنفيذه قبل الأوان، هذا الوصف باعتباره استثناء من القاعدة فيتم وفق حالات خاصة حددها القانون كما هو الشأن بالنسبة للأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات حيث تكون هذه الأوامر مشمولة بالنفاذ المعجل، فمبدأ التنفيذ المعجل الذي أحدث كاستثناء من القاعدة للتنفيذ عرف أنه امتياز يمنح للشخص المحكوم له لينفذ حكمه فور صدوره رغم الآثار الواقف للتعرض والاستئناف وأجالها.

        كما وصفه جانب من الفقه على أن التنفيذ المعجل هو حكم قبل الوقت المحدد له وفقا للقواعد العامة للتنفيذ والحقيقة أن التنفيذ المتحدث عنه هو معجلا و مؤقتا لأنه يتم قبل استنفاذ سائر طرق الطعن العادية ومؤقتا لأنه نتائجها معرضة للزوال في حالة إلغاءه، كما عرفه أستاذنا محمد السماح أنه حق يمنحه القانون أو رخصة من لدن المحكمة تتيح للمحكوم له وتحث مسؤولياته إمكانية تنفيذ الحكم الصادر لفائدته قبل الأوان تنفيذا بصورة مؤقتة.

         فالتنفيذ المعجل يكون قانونيا عندما يأمر به القانون في حالات حددها بصفة حصرية كما هو الشأن بالنسبة للأحكام الصادرة في المادة الاجتماعية ويكون قضائيا عندما يترك تقريره للقاضي ويشار له في منطوق الحكم كما تحدثت عنه المادة 147 من قانون المسطرة المدنية.

        لكن قبل ذلك يجب التمييز بين النفاذ والنفاذ المعجل، فنفاذ الحكم هو أثر ينتج بمجرد صدور الحكم، فالنفاذ هو أثر مباشر ولصيق بالنطق بالحكم، فالأحكام جميعها نافذة، فالمحكمة لا تستطيع النطق بالنفاذ لأنه الأثر المباشر الذي يولد مع الحكم عند النطق به، عكس النفاذ المعجل الذي يبقى أمام المحكمة سوى أن تأمر بقابلية تنفيذه معجلا كما أن طلب الإيقاف التنفيذ يمس التنفيذ المعجل ولا ينال من النفاذ الذي يظل ساريا ولا يمس على الإطلاق حجيته لأن كما هو معلوم فأن الحكم هو عنوان الحقيقة.

         الغاية من الحكم هو تحقيق مقاصده التشريعية كقوة مؤثرة لحماية حقوق الأفراد ومصالحهم والعلة أن المحكمة من تقريرها للتنفيذ المعجل تتمثل في تفادي الضرر المحدق الذي قد يصيب المحكوم له من جراء تأخر تنفيذ الحكم حتى يصير هذا الأخير حائزا للقوة الشيء المقضي به، بالإضافة إلى أن هناك بعض الحالات التي يكون فيها حق الدائن مبني على سند وأساس قانوني صحيح بحيث تكون نسبة احتمال كبيرة في تأييده من طرف محكمة الاستئناف، هذا في مقابل وضع المشرع المغربي ضمانات للمحكوم عليه حيث أجاز أن يقترن التنفيذ المعجل بكفالة يدفعها المحكوم له لإصلاح الضرر الذي قد ينشأ جراء تنفيذ المعجل، كما أجاز له رفع طلب وقف تنفيذ حكم مشمول بالنفاذ المعجل.

الفقرة الثانية : الطبيعة القانونية للتنفيذ المعجل.

       يقتضي تحديد الطبيعة القانونية للنفاذ المعجل ذو أهمية كبرى وذلك لمعرفة أبعاد هذا النوع من التنفيذ والأسس القانونية التي يستند عليها مما يحتم علينا دراسة طبيعة الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل (أولا)، وكذا طبيعة النظام لهذا النوع من التنفيذ(ثانيا)، على أن نشير في الأخير لطبيعة العلاقة التي تجمع التنفيذ المعجل والنظام العام(ثالثا).

أولا : طبيعة الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل.

           قبل تتناول الوصف الذي يجب أن نضفيه على الحكم المشمول بالنفاذ المعجل ينبغي الاستفسار هل الأحكام المشمولة بالنفاذ هي احكام تمهيدية أم أحكام وقتية أم صادرة في صميم الدعوى ؟ كلها أسئلة لابد من الإجابة عليها.

          فلا أحد يجادل أن الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل هي لا تصدر قبل البت في الدعوى وإنما شديدة الصلة بجوهر الحكم مما يستبعد بأنها أحكام تمهيدية وسائر الأثار التي تترتب عن مثل هذه الأنواع من الأحكام، حيث اصطلحو عليها أنها أحكام صادرة بعد الفصل في الموضوع، وهذا ما أكده القانون الفرنسي في المادة 326 من القانون المسطرة المدنية " ترفع يد القاضي الابتدائي عن طلبات النفاذ المعجل بمجرد صدور الحكم البات في جوهر النزاع ".

         وهذا يكون نفس موقف المشرع المصري كما ورد في المادة 193 من قانون المرافعات المدني، أما موقف المشرع المغربي فإذا استثنينا حالات التعرض وطلبات التفسير فإننا لا نجد نصا قانونيا يعيد الأحكام للقاضي الابتدائي ليفصل فيما أغفل عنه من طلبات النفاذ المعجل، بل العكس من ذلك يمكن أن نستنتج من بعض النصوص القانونية المغربية ما يفيذ منع القاضي المغربي من مثل هذه الاختصاصات.

         وخلاصة القول في موضوع تحديد الوصف الواجب إعطاءه في النفاذ المعجل عرف اختلافا فقهيا وذلك ناتجا عن إهمال تشريعي.

ثانيا: طبيعة نظام النفاذ المعجل.

         اختلف الفقهاء في بيان الأساس القانوني للنفاذ المعجل هل هو قرار وقتي أم جزء من الحكم المشمول بالنفاذ المعجل الصادر في جوهر الدعوى لكن الرأي الراجح هو نفي على النفاذ المعجل على التوقيت يقولون بأن التوقيت يلحق سند التنفيذ وقوة التنفيذ داتها وليست إجراءات التفيذ، كما أن الحكم الوقتي يرمي إلى توقي النزاع في المستقبل بينما الحكم المشمول بالنفاذ المعجل يحسم موضوع النزاع هذا بالإضافة إلى ذلك فإن الدعوى الوقتية مجرد وسيلة للتحفظ والاحتياط، زيادة على ذلك أن المحكمة تستطيع مراجعة موقفها من القرار الوقتي نتيجة الظروف المتغيرة التي تجدها بعض صدور الحكم الابتدائي، أما النفاذ المعجل باستنفاذ ولاياته بشأنها ولا يصح لها أن تضع يدها عليه.

ثالثا : النفاذ المعجل وعلاقته بالنظام العام.

        تقتضي تناول موضوع علاقة النفاذ المعجل بالنظام العام وما مدى ارتباطه به من عدمه، حيث ذهب بعض الفقه الفرنسي على أن استيعاب العبارات والمنصوص عليها في المادة 135 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي، جاءت بعبارة الأمر مما لا يدع مجالا للشك أنها من النظام العام، لكن البعض الآخر اعتبرها مجرد عبارات عادية وأن الحكم المشمول بالنفاذ المعجل هو مجرد تدبيرا احتياطيا.

         وإذا حاولنا تطبيق هذه المعايير على نظام التنفيذ المعجل المغربي لوجدنا أن مقتضيات التي جاء بها الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية المغربي، استعملت فيه عبارات تفيد الوجوب فإننا يمكن أن نعتبر أن النفاذ المعجل من النظام العام، لكن هذا مجرد رأي، لهذا ندعو إلى تدخل تشريعي سريع لسد هذا الفراغ، إلا أننا في الأخير يجب أن نميز بين النفاذ المعجل بقوة القانون والنفاذ المعجل القضائي، فإن الأول في نظرنا حتما له علاقة بالنظام وبالتالي لا يجب التنازل في شأنه وإلا تعرض الحكم للطعن.

  المطلب الثاني: أنواع النفاذ المعجل

        إن القاعدة العامة في تنفيذ الأحكام أنه لا يجوز تنفيذ الحكم إلا إذا كان حائز لقوة الشيء المقضي به أي غير قابل للطعن العادي أي التعرض والاستئناف، أو الحكم باتا أي لم يعد يقبل الطعن العادي أو غير العادي، أما إذا كان الحكم ابتدائيا أو نهائيا غيابيا، فإن ممارسة الطعن تتحول التنفيذ، طبقا للفصلين 132 من قانون المسطرة المدنية (التعرض) أو 134 من نفس القانون (الاستئناف وأجله) ومبدأ النفاذ المعجل يعتبر استثناء للقاعدة العامة المذكورة، وهذا الأخير إما أن يكون قانونيا يأمر به القانون وهو ما سنتطرق إليه في الفقرة الأولى وإما أن يكون قضائيا عندما يترك تقريره للقاضي وهذا ما سنتناوله في الفقرة الثانية.      

الفقرة الأولى: النفاذ المعجل بقوة القانون

  إن النفاذ المعجل القانوني أو بقوة القانون لا يسمى هكذا فقط لان مصدره  القانون، فإن جميع أنواع النفاذ تستمد وجودها من القانون ولهذا فإن المحكمة لا تحتاج إلى أي تدخل بشأنه ولا تملك إزاءه أية سلطة كما أنه لا يحتاج إلى التماسه من طرف المحكوم له.

وهذا الامتياز يمنح للمحكوم له في الكثير من الحالات بسبب نوعية القضايا المعروضة على المحكمة ويتحتم بالضرورة النص عليه صراحة في القانون وهو تنصيص وارد على سبيل الحصر في حالات محددة فلا مجال للقياس عليها أو التوسيع في تفسيرها.

حيث أن النفاذ المعجل القانوني يتميز بأنه نفاذ لا يحتاج إلى أن يطلبه المحكوم له أو تصرح به المحكمة ولا يعلق على تقديم كفالة إلا إذا نص المشرع عليها وكما انه نفاذ لا يجوز ولا يمكن إيقافه على الإطلاق . 

وحالات النفاذ المعجل القانوني لم يرتبها المشرع في فصل مستقل وإنما وردت في نصوص متفرقة في قانون المسطرة المدنية وقوانين أخرى ومن هذه الحالات:

أولا: الأوامر الاستعجالية 

هي الأحكام التي تصدر وفقا للفصل 149 من قانون المسطرة المدنية وتكون قابلة للتنفيذ رغم استئنافها أو الطعن فيها بالاستئناف، ويمكن للقاضي أن يقيد التنفيذ بتقديم كفالة حسب ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 153 المسطرة المدنية، لأن التراخي في تنفيذها يفوت عليها الغرض المقصود من استصدارها والمتمثل في صيانة مصالح مشروعة في وقت مناسب لتلافي الخطر والتي يختص في إصدارها رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات والذي ناهيك عن ذلك قد يكون قاضيا للأمور الوقتية طبقا مقتضيات الفصل 148 من المسطرة المدنية، أما إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستئناف فالذي يمارس مهام قاضي المستعجلات هو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.

ونذكر في هذا الصدد قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس :

" لقاضي المستعجلات في إطار سلطته التقديرية وحسبما يتراءى له من ظاهر الوثائق الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه كما انه في نطاق ما يملكه من صلاحيات لاتخاذ إجراءات وقتية مناسبة لحماية حقوق الطرفين وذلك بتحوير طلباتهما في اتجاه ما يراه مفيدا لحمايتهما إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.

- إن طلب رد الحالة إلى ما كانت عليه تعد من المسائل الاستعجالية التي تكون إجراء تحفظيا لحماية الجانب المعرض للخطر وان قاضي المستعجلات التجاري يكون مختصا للبت في الطلب لتوفر عنصر الاستعجال المتمثل في وجود خطر محدق بالحق المراد حمايته تأسيسا على تنصيص المادة 21 من ق م ت التي تخول له إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لدرء ضرر حال رغم وجود منازعة جدية".

 و ينص الفصل 153 من قانون المسطرة المدنية على أن الأوامر الاستعجالية مشمولة بالتنفيذ المعجل بقوة القانون وهذا يعني أنه يباشر تنفيذها رغم الطعن فيها عن طريق الاستئناف على أنه ينبغي التأكيد على أن التنفيذ الذي نص عليه المشرع بخصوصها – الأوامر الاستعجالية – لا يقبل الوقف خلافا لما نجده بالنسبة للتنفيذ المعجل المتعلق بالمستندات الرسمية او التعهدات المعترف بها … 

ثانيا: الأوامر المبنية على طلب والمعاينات

  يقصد بها الأوامر الوقتية التي يصدرها رئيس المحكمة بناءا على مقتضيات الفصل 148 من المسطرة المدنية بموجب سلطته الولائية وتقدم في شكل عريضة وتعد معجلة التنفيذ بطبيعتها وبقوة القانون حيث تصدر لمصلحة شخص معين تقضي بتدابير وقتية احتياطية الشيء الذي نص عليه الفصل 148 من المسطرة المدنية والذي جاء فيه: (يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبث في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار أو إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف، ويصدر الأمر في غيبة الأطراف دون حضور كاتب الضبط بشرط الرجوع إليه في حالة وجود صعوبة).

وبهذا تعد الأوامر المبنية على طلب نافذة بقوة القانون لتعلقها بتدابير وقتية أو احتياطية تدخل في إطار تهيئ وسائل إثبات لدعوى مستقبلية.

وأساس شمولها بالنفاذ المعجل يرجع إلى عدم مساسها بحقوق الأطراف والذي يعد شرطا لصدورها طبقا للفصل 148 من المسطرة المدنية.


ثالثا: الأحكام الصادرة في مادة النفقة

نصت المادة 179 من قانون المسطرة المدنية على أنه " يبث في طلبات النفقة على شكل استعجالي وتنفذ الأوامر في هذه القضايا رغم كل الطعن ريثما يصدر الحكم في موضوع دعوى النفقة ".

ومن المعلوم أن طلب النفقة من الزوجة يمكن أن يحصل أما أثناء قيام العلاقة الزوجية أو بعد انتهائها وفي جميع هذه الحالات فإن الحكم الصادر يمنح الزوجة والأولاد نفقة مؤقتة يكون قابلا للتنفيذ المعجل.

وبالتالي فإن دعوى النفقة سواء نفقة الزوجة أو الأصول أو الفروع يبت فيها بشكل استعجالي وينفذ الحكم الصادر فيها تنفيذا معجلا. 

كما يتمتع بالنفاذ المعجل القانوني الحكم الصادر بإيقاف نفقة الزوجة بسبب نشوزها ويقصد بالنشوز امتناع الزوجة عن الخضوع للحكم القاضي برجوعها لبيت الزوجية.

وهو ما يسير عليه العمل القضائي حيث جاء في حكم صادر عن ابتدائية مراكش:"... وحيث أن المدعي استصدر حكم على المدعى عليها قضى برجوعها إلى بيت الزوجية وامتنعت عن تنفيذه، ملتمسا الحكم بإسقاط نفقتها مع النفاذ المعجل... وحيث أنه طالما أن المدعى عليها امتنعت عن الرجوع... وحيث أن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي المدة إلا إذا حكم عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية وامتنعت حسب المادة 195 من مدونة الأحوال الشخصية مما يبرر سقوط نفقتها إلى حين رجوعها لبيت الزوجية مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل.

رابعا: الأحكام الصادرة في المادة الاجتماعية

نصت المادة 285 من قانون المسطرة المدنية على أنه "يكون الحكم مشمولا بالتنفيذ المعجل بحكم القانون في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية وفي قضايا الضمان الاجتماعي وقضايا عقود الشغل والتدريب المهني رغم كل تعرض أو استئناف" 

وبناءا على هذا النص فان جميع الأحكام الصادرة في القضايا الاجتماعية سواء كانت تتعلق بأجرة العمل أو المكافأة على اختلاف أنواعها أو التعويضات العائلية والتعويض  عن الإعفاء عن الطرد أو الضرر تخضع لمقتضيات المادة 285 من قانون المسطرة المدنية و تكون مشمولة بالنفاذ المعجل رغم أن بعض المحاكم المغربية ذهبت إلى تقييد مقتضيات المادة المذكورة لأن النفاذ المعجل بقوة القانون يجب ألا يشمل التعويضات التي يكون أساسها هو المسؤولية العقدية – عقد الشغل – إلا أن الرأي الراجح و المعمول به هو الذي يشمل بالنفاذ المعجل سائر الأحكام الصادرة في المادة الاجتماعية

حيث قضت الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض في أحد قراراتها بأن
“و حيث إن الأحكام في القضايا الاجتماعية تكون مشمولة بالتنفيذ المعجل بحكم القانون في قضايا عقود الشغل، و حيث إن الشركة العامة المغربية للأبناك تقدمت بتاريخ  7/6/ 1977   في  الملفين 719/9 و 718/9، و القاضي على الشركة بأدائها للمدعي مبالغ متنوعة عن مهلة الإخطار و التسريح و عن المكافآت والعطلة و فقدان التأمين و التعويض المؤدى في إطار التقاعد.

وحيث إن المبالغ المحكوم بها مرتبطة بعقد الشغل الذي كان يربط طرفي الدعوى.                                                                     وحيث إن ظروف القضية و ملابساتها تقتضي رفض الطلب.                          

  غير أن الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض سرعان ما تراجعت عن موقفها هذا، عندما استثنت الأحكام التي تقضي بالتعويض عن الإنهاء التعسفي لعقد الشغل غير محدد المدة من مجالات تطبيق الفصل 285 من قانون المسطرة المدنية على أساس أن هذا التعويض يجد أساسه في المسؤولية التقصيرية و ليس في المسؤولية العقدية، و بالتالي فهو يخضع لأحكام التنفيذ الجوازي الذي تضمنته الفقرة الثانية من الفصل 147 قانون المسطرة المدنية .     

خامسا: الأحكام الصادرة في تعويضات حوادث السير

خصص المشرع للأشخاص المتضررين من حوادث السير بالتنفيذ المعجل للأحكام الصادرة بمنحهم تعويضا مسبقا حسب ما نص عليه الفصل 5 من ظهير 18 يونيو 1937 الذي ينص على ان " كل حكم مانح لتعويض مسبق للضحية او ذوي حقوقه يكون نافذا رغم الاستئناف وبدون كفالة " وحسب ما يفهم من هذا النص ان النفاذ يكون معجلا رغم الاستئناف فقط دون التعرض الأمر الذي دفع ببعض المحاكم المغربية الى اعتباره نفاذا معجلا بالنسبة للأحكام الحضورية دون الغيابية منها، ومن ذلك الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالبيضاء بتاريخ 19/07/1955 كما أن هذا النفاذ المعجل يقتصر على الحكم المانح لتعويض مسبق للضحية في انتظار الفصل النهائي في مسألة الضرر وتقدير التعويض النهائي. 

سادسا: الأحكام الصادرة في مادة مسطرة معالجة صعوبات المقاولة

نصت المادة 728 من مدونة التجارة على أن الأحكام الصادرة في مادة مسطرة معالجة صعوبات المقاولة تكون مشمولة بالنفاذ المعجل وتدخل في هذه الأحكام تلك الصادرة عن رئيس المحكمة التجارية في مسطرة الوقاية الخارجية والتسوية الودية أو عن المحكمة والمعلنة لافتتاح مسطرة المعالجة بتوقيف نشاط المقاولة لغرض تصفيتها إلى غير ذلك من الأحكام الخاصة بمراقبة مخطط الاستمرارية أو إقرار التصفية القضائية للمقاولة 

ولا يستثنى من الأحكام الصادرة في هذا الموضوع سوى تلك المتعلقة بالعقوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة طبقا لما نصت عليه المادة 728 من مدونة التجارة

وجاء في أحد قرارات محكمة الاستئناف بفاس "أن القاضي المنتدب يختص بالبث في جميع القضايا المستعجلة المتعلقة بالمقاولة الخاضعة للتسوية استنادا لمقتضيات المادتين 638 و 63 من مدونة التجارة وهو أيضا ما سار عليه الاجتهاد القضائي"

الفقرة الثانية: النفاذ المعجل القضائي:

يعتبر النفاد المعجل القضائي هو نفاد نابع من سلطة القاضي ومتوقف على إرادته وتدخله، غير أن القاضي في تدخله لا يملك حرية التصرف في جميع الأحوال. بل إن سلطته تعترضها بعض القيود القانونية، حيث أن المشرع أمر القاضي والزمه بالاستجابة لطلب النفاد المعجل إذا طلب منه وتوفرت حالاته التي تولى المشرع تحديدها بنفسه، كما منحه في غير تلك الحالات حرية الأمر بالتنفيذ المعجل بكفالة أو بغير كفالة حسب ظروف القضية التي يجب عليه توضيحها وبذلك يكون المشرع قد ميز بين نوعين من النفاد المعجل القضائي نفاد معجل وجوبي (أولا) وآخر جوازي (ثانيا).

أولا: التنفيذ المعجل الوجوبي وحالاته

هو الذي تأمر به المحكمة، وقد تضمنه القانون المغربي في المسطرة المدنية السابقة في الفصل 191 كما في تضمنه في ظل المسطرة الجديدة في الفصل 147 وبين حالاته الثلاث معتبرا أن التنفيذ المعجل واجب دون كفالة رغم التعرض أو الاستئناف، إذا كان هناك سند رسمي أو تعهد معترف به، أو حكم سابق غير مستأنف.

1 : السند الرسمي :

   إن أساس هذا النفاذ المعجل كما أسلفنا هو مقتضيات الفصل 147

والملاحظ أن القانون المغربي استعمل في النص العربي كلمة سند في ظل المسطرة المدنية القديمة وبعد إصلاح سنة 1974، وبالمقابل عرف النص الفرنسي منها الاستعاضة عن كلمة acte  بكلمة titre وهي التي كانت واردة في القانون الفرنسي قبل سنة 1942، وبالرغم من هذا الاختلاف بين النصين فإن السند الرسمي لا يخرج عن كونه ورقة رسمية يصدق عليها تعريف الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود الذي عرف الورقة الرسمية بأنها '' هي التي يتلقاها الموظف العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون وتكون رسمية أيضا:    

          1) الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.

         2) الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها.

والمقصود هو أن السند الذي يحرره موظف عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ويثبت فيه ما تم على يده أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقا للأوضاع القانونية، وفي حدود سلطته واختصاصاته، فإنها تنفد وجوبا، ويدخل في هذا المحاضر القضائية والعقود المحررة من طرف قضاة التوثيق والأحكام المغربية والأجنبية التي استوفتا الشروط القانونية. ورسمية السند هي حجة قاطعة حتى على الغير فيما تضمنته من وقائع و اتفاقيات الفصل 419 من ظهير الالتزامات و العقود و هي على هذا النحو ترجح احتمال وجود الحق بحيث إذا زال هذا الرجحان بدليل قوي على الادعاء بتزوير السند و أقيمت دعوى أمام المحكمة الزجرية فإن الجنائي يوقف المدني طبق مقتضيات الفصل 102 من قانون المسطرة المدنية و بالتالي يسقط الحق في التنفيذ المعجل الوجوبي و إن لم يثبت ما يدعيه الخصم من التزوير في السند الرسمي الفصل 91 من نفس المسطرة فإنه يترتب على ذلك التنفيذ المعجل الوجوبي بدون كفالة و كذلك ادعاء التزوير المدني طبق الفصل 89 من المسطرة فإذا تبين للقاضي عدم التوقيف على ما يدعيه الخصم فله أن يحكم بالتنفيذ المعجل طبق القانون و قد يدعي الخصم الإكراه أو الاحتيال أو التدليس أو الصورية أو الخطأ المادي بصفة عامة أو الدفع بالبطلان الفصلين 315 و 419 من قانون المسطرة المدنية و لكن على القاضي أن ينظر إلى السند في حد ذاته فإن رأى فيه أنه يشتمل على الوصف منح التنفيذ المعجل الوجوبي المطلوب و إلا فلا .

2: التعهد المعترف به:

 إذا اعترف المدعي عليه بصحة السند الذي قدمه المدعي في الدعوى أو أقر بصحة توقيعه المذيل به سند الدين، وطلب المدعي الحكم له بالنفاذ المعجل، وجب على المحكمة أن تستجيب إلى طلبه ومن الطبيعي أن يعطي المشرع للحكم المؤسس على تعهد معترف به امتياز النفاذ المعجل ما دام المشرع يترتب في مواد الإثبات للورقة العرفية المعترف بها من قبل من يقع التمسك بها ضده نفس قوة الدليل التي يعطيها للورقة الرسمية (الفصل 424 من قانون الالتزامات والعقود). والاعتراف يجب أن يكون صريحا كما نص على ذلك المشرع المغربي و كما هو الأصل إلا أن الاعتراف الضمني كالسكوت مثلا عن إنكار خطه أو توقيعه صراحة أمام القضاء يرتب نفس الآثار الصريح كما يفهم من آخر الفقرة الأولى من الفصل 431 من قانون الالتزامات و العقود فإن لم يفعل اعتبرت الورقة معترفا بها لكن الخصم قد يفصل عدم الاعتراف بالورقة العرفية التي يحتج بها عليه أو ينكر صراحة خطه أو توقيعه الفصل 431 من قانون الالتزامات و العقود فإن المحكمة قد تأمر بإجراء تحقيق في الخطوط لتتبين بعد ذلك ما إذا كان السند موقعا ممن أنكره . فإن تبين أنه موقع من طرفه وجب الحكم عليه بالتنفيذ المعجل الوجوبي دون الإخلال بما يمكن أن تقضي به من غرامة الفصلين 89 و90 من قانون المسطرة المدنية أمل إذا كان الجانب المطالب بالنفاد المعجل خلفا عاما أو خلفا خاص وادعوا في تصريحاتهم بأنهم لا يعرفون خط أو توقيع من تلقوا الحق منه ففي هذه الحالة يبقى على عاتق المدعي إثبات ما يدعيه إلا أن المشرع المصري أضاف في فصله 14 من قانون المسطرة المدنية إلزامه بأداء اليمين على ما يدعيه بجهل بالتوقيع.

3: حكم سابق غير مستأنف:

يمكن أن يتعلق الأمر بحكم أو قرار أو أمر ولكن يجب أن تكون هناك علاقة وثيقة بين هذا الحكم وبين الحكم الذي يأمر بالتنفيذ المعجل إن كون الحكم مطعون فيه بالنقض لا يمنع من الإعفاء من الكفالة. أما التنفيذ المعجل الاختياري فيمكن أن يؤمر به بالكفالة أو بدونها حسب تقدير المحكمة التي يجب رغم ذلك أن تبين السبب الذي جعلها تتخذ هذا الموقف 

و تجدر الإشارة إلى أن لجوء صاحب الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي به إلى القضاء ثانية و بدعوى جديدة رغم أن هذا الحكم الأول يكون قابلا للتنفيذ قانونا طبقا للمادة 428 من قانون المسطرة المدنية إنما يتصور بسبب منازعة في تنفيذ موضوعية ، أو بصعوبة في تفسير و تأويل الأحكام ، أو كون الحكم السابق مجرد حكم تقريري لا يصلح بحد ذاته سندا تنفيذياً .إذن هذه هي الحالة الثالثة التي أشار إليها الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية والتي يجب فيها التنفيذ المعجل الوجوبي و بدون كفالة شريطة أن يكون الحكم السابق غير مستأنف و لا يهم بعد ذلك ما إذا كانت هذه الأحكام تقبل الطعن بالطرق غير العادية أم لا . وهذا معناه أنه يجب أن يكون الحكم قد صدر تنفيذاً لحكم سابق جائز تنفيذه وحاز قوة الشيء المقضي به. 

غير أننا نرى أن بعض الفقهاء وعلى رأسهم الدكتور أبو الوفا الذي قيد ذلك بأن يكون الحكم السابق حائز لقوة الأمر المقضي به أو نافذا نفاذا معجل بغير كفالة وأن يكون المحكوم عليه في الحكم الجديد طرفا في الخصومة التي انتهت بالحكم السابق. وأن يكون الحكم الجديد قد صدر تنفيذاً للحكم السابق الغير المستأنف وأن يكون مبنيا عليه. ومعنى هذا أن تكون الواقعة المنشئة للحق المدعى به في القضية الجديدة ثانية في الحكم السابق وضرب لذلك أمثلة. وهي الحكم الذي يصدر بتحديد مقدار التعويض بعد سبق صدور حكم بالتعويض دون تحديد والحكم الذي يقضي برد العين المبيعة إلى البائع بعد سبق صدور حكم بفسخ العقد والحكم الذي يلزم الوكيل بتسليم المستندات التي أعطاها له موكله تنفيذا للحكم القاضي بعزله. والحكم الذي يقضي بتسليم الشيء المبيع إلى المشتري تنفيذا للحكم القاضي بصحة عقد البيع.

ثانيا: النفاذ المعجل الجوازي:

منحت الفقرة الثانية من المادة 147 من ق.م.م للقاضي إمكانية إشمال الحكم بالنفاذ المعجل في غير حالات النفاذ المعجل الوجوبي بقولها " يجوز دائما الأمر بالتنفيذ المعجل بكفالة أو غيرها حسب ظروف القضية التي يجب توضيحها." و يتضح من هذه الفقرة أن المشرع المغربي منح القاضي سلطة تقديرية مهمة ليبت بحرية تامة في كل حالة على حدة بقبول الاستجابة لطلب النفاذ المعجل أو عدم قبوله، وهو غير مقيد في ذلك إلا بتوضيح ظروف النازلة التي استوجبت إشمال الحكم بالنفاد المعجل، بشرط ألا يصطدم في حكمه بنص آمر يمنعه من الحكم بالنفاذ المعجل كالفصل 24 من ظهير 25 دجنبر  1980  المتعلق بكراء المحلات المعدة للسكن و المهن الحرة الذي نص صراحة على أن الأحكام الصادرة تطبيقا لمقتضيات هذا الظهير لا تكون مشمولة بالنفاذ المعجل. كما أننا نجد أن بعض الأحكام إذا طعن فيها بالنقض فإن الطعن يوقف التنفيذ وذلك في حالات الأحوال الشخصية والزور الفرعي والتحفيظ العقاري الفصل 361 من ق.م.م أو أن تنفيذها لا يكون إلا بعد الإدلاء بشهادة بعدم التعرض أو الاستئناف.

  وفي المجال العملي نجد بعض القضايا التي تشمل بالنفاذ المعجل القضائي بمعنى أن القاضي يتبين له أن القضية يجب أن تشمل بالنفاذ المعجل ومن هذه القضايا نجد بعض قضايا الكراء التجاري، ونذكر في هذا الصدد بعض القرارات التالية:

 بناءا على القرار الإستنافي الذي تقدمت به المستأنفة شركة هيتك بواسطة دفاعها المؤدى عنه بتاريخ 2016/06/02  تستأنف بمقتضاه الحكم عدد   16/3802 الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 18/04/2016 في الملف عدد 856/8205/2016  القاضي في الشكل بقبول الطلب وفي الموضوع بفسخ عقد الكراء بين المدعية السيدة عائشة الصفريوي وبين المدعى عليها شركة هيتك كلوب و بأدائها مبلغ 75 ألف درهم الذي يمثل واجبات الكراء عن المدة من 1/08/2014 إلى 31/10/2014 وشهر أبريل لسنة 2015 مع شموله بالنفاذ المعجل وبإفراغهما ومن يقوم مقامها من المحل التجاري الكائن ب 37 زنقة جلال الدين الصيوتي رقم 4 إقامة مليكة حي راسين الدار البيضاء بجميع مرافقه وبتحميلها الصائر.

وحيث أدرجت القضية بعدة جلسات علنية أخرها 2017/02/15

حضرها دفاع المستأنف عليها مدليا برسالة تنازل صادق عن نائب المستأنف فتقرر حجز القضية للمداولة لجلسة 2017/02/22.

وفي حكم أخر صدر عن المحكمة التجارية بالبيضاء 

وحيث إن الإفراغ لا يتوقف فقط على تدخل شخصي من جانب المحكوم عليه لا أساس له.

وحيث إن طلب الفوائد القانونية ليس له ما يبرره ويتعين التصريح برفضه 

وحيث يتعين شمول الحكم بالنفاذ المعجل بخصوص واجبات الكراء.

وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفها.








المبحث الثاني : وقف تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل

في إجراءات التنفيذ هناك صراع بين مصلحتين، مصلحة المحكوم له في أن يتخذ من إجراءات التنفيذ ما يوصله لغايته بالحصول على حقه و مصلحة المحكوم عليه في أن يتم التنفيذ ضده، و التشريع المغربي، سعى إلى إقامة التوازن بين هاتين المصلحتين، وكما هو معلوم أنه لا يمكن تنفيذ حكم ابتدائي مطعون فيه بالتعرض أو الاستئناف، إذ أن هاذين الطعنين يرتبان الوقف التلقائي لإجراءات التنفيذ على أن هذه القاعدة تعرف استثناءا وحيدا يتمثل في الحالة التي يشمل فيها الحكم بالنفاذ المعجل، ففي هذه الحالة وحدها يمكن تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل رغم وجود أحد الطعنتين المذكورين، وهنا تحقيق لمصلحة المحكوم له، إلى أن تنفيذ الحكم قبل أوانه العادي قد يتضمن مجازفة بحقوق المحكوم عليه، و المشرع تنبه لهذا الأمر فأعطاه مكنة المطالبة بوقف تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل القضائي دون الحكم المشمول بالنفاذ المعجل القانوني، وهنا تحقيق لمصلحة المحكوم عليه .

يعتبر وقف تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل من ضمانات النفاذ المعجل، حيث أن للمحكوم عليه أن يطلب وقف تنفيذ الحكم المعجل مؤقتا إلى أن تفصل محكمة الاستئناف في الدعوى بشكل نهائي،وذلك حتى لا يقطع شوطا في تنفيذ الحكم تم يلغى بعد ذلك، فيضطر المحكوم له إلى إعادة الحال إلى ما كانت عليه، وبهذا التنفيذ تضر حقوق المحكوم عليه، مكان من حسن النظر سن ضمانة وقف التنفيذ المعجل للوقاية من سلبيات النفاذ المعجل .   

ومنه يمكن للطرف الذي صدر في مواجهته حكم ابتدائي مشمول بالنفاذ المعجل أن يباشر مسطرة إيقاف التنفيذ، هذه المسطرة لمباشرتها ينبغي توفر مجموعة من الشروط ( المطلب الأول )، ويستتبع توفر هذه الشروط صدور حكم في دعوى وقف التنفيذ المعجل ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول : شروط وقف التنفيذ

لوقف تنفيذ حكم مشمول بالنفاذ المعجل ينبغي توفر مجموعة من الشروط لا بد من تحققها حتى يستجاب لذلك، هذه الشروط تتميز بطابع خاص تختلف عن الشروط التي تتميز بطابع عام المتمثلة في وجوب تحقق الصفة لدى المتقاضي و استكمال الأهلية وتوفره على المصلحة في تقديم الدعوى، و توفر المقال الذي يرمي من خلاله الطاعن إل وقف التنفيذ على مجموعة من البيانات المتطلبة في طلبات الإدعاء من بيان الهوية الكاملة للأطراف مع تبيان للوقائع و الوسائل المثارة و أداء الرسوم القضائية، و الشروط الخاصة بدورها هي شروط خاصة موضوعية ( الفقرة الأولى ) و شروط خاصة شكلية ( الفقرة الثانية ) .

الفقرة الأولى : الشروط الموضوعية لوقف التنفيذ

لقبول طلب وقف التنفيذ ينبغي تحقق مجموعة من الشروط الموضوعية، حيث يجب أن يتعلق الأمر بحكم مشمول بالنفاذ المعجل ( أولا )، و أن يتوفر في الطلب عنصر الاستعجال ( ثانيا )، 

أولا : شمولية الحكم بالنفاذ المعجل القضائي 

كما هو معلوم فإن النفاذ المعجل يعني تنفيذ الحكم قبل الأوان العادي لتنفيذه، بمعنى تنفيذه قبل أن يصير حائزا لقوة الشيء المقضي به، و هو تنفيذ يتعلق مصيره بمصير الحكم ذاته فإذا ألغي الحكم و جب إعادة الحال إلى ما كانت عليه بقدر ما يكون ذلك ممكنا.

و كما بينا في السابق بأن الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل تنقسم إلى قسمين الأولى أحكام مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون بمعنى أن النفاذ يجد أساسه في النص القانوني المنظم له، وبالتالي فالحكم يشمل به و لو لم يطلب الأطراف من المحكمة الحكم لهم به، بل إنه يكون كذلك حتى في غياب تنصيص الحكم صراحة عليه، و الثانية أحكام مشمولة بالنفاذ المعجل القضائي، هذا النفاذ الذي تصرح به المحكمة بناء على طلب من الأطراف كما يلزم علاوة أن تصرح المحكمة في حكمها به .

و الفرق الجوهري بين النوعين من الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل على الأقل من الزاوية التي نتناولها هنا هو إمكانية توقيف الحكم المشمول بالنفاذ المعجل القضائي دون إمكانية وقف تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل القانوني، وذلك استنادا إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية و الذي جاء فيه بصريح العبارة : " لا تطبق مقتضيات الفقرات الثالثة و الرابعة و الخامسة و السادسة و السابعة من هذا الفصل إذا كان التنفيذ المعجل بقوة القانون "،ومنه يظهر بأن الأحكام النافذة معجلا بقوة القانون لا يمكن إيقاف تنفيذها .

و إذا كانت بعد المحاكم تعمل على احترام هذه القاعدة، فترفض الاستجابة للطلبات الرامية بإيقاف تنفيذ حكم مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون، فإن ما يؤسف له حقا هو أن بعد المحاكم لا تقيم بالمرة فيصلا للتمييز بين النوعين من الأحكام، بحيث تقبل طلبات وقف تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون رغم صراحة الاستثناء التشريعي من جواز وقفها .

إلى أن المشرع خرج عن هذه القاعدة – الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل القضائي هي التي تقبل و قف التنفيذ – في نصوص خاصة،و أجاز الحكم بإيقاف التنفيذ بالنسبة لبعض الأوامر المشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، من ذلك الأمر الصادر عن رئيس المحكمة و القاضي بالتصديق على الإنذار و الأمر بأداء واجبات الكراء، حيث تقضي المادة السادسة من القانون 99-64 المتعلق باستيفاء الوجيبة الكرائية بتنفيذ الأمر أعلاه على الأصل، تم جاءت الفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من نفس القانون لتعطي لمحكمة التي تنظر النزاع صلاحية الأمر بوقف التنفيذ بناء على طلب مستقل في هذا الأمر .


ثانيا : وجوب توفر عنصر الاستعجال

المشرع المصري أشار إلى هذا الشرط صراحة في المادة 292 من قانون المرافعات : " فلا يجوز في جميع الأحوال للمحكمة المرفوع إليها الاستئناف أو التظلم أن تأمر بناء على طلب من ذي الشأن بوقف النفاذ المعجل إذا كان يخشى وقوع ضرر جسيم من التنفيذ و كانت أسباب الطعن في الحكم أو الأمر يرجح معها إلغاءه ... " ، و أيضا أشار إليه المشرع السعودي في المادة 200 من نظام المرافعات التي جاء فيها "يجوز للمحكمة المرفوع إليها الاعتراض متى رأت أن أسباب الاعتراض على الحكم قد تقضي بنقضه أن تأمر بوقف التنفيذ المعجل إذا كان يخشى منه وقوع ضرر جسيم "، ولم يحددا معنى الضرر الجسيم، و لكن من المفهوم أن الضرر يجب أن يكون على القدر من الأهمية بحيث يبرر وقف التنفيذ المعجل، فهو الضرر الغير العادي الذي يتجاوز ما ينبغي تحمله من المحكوم عليه المحافظة عليها نتيجة تنفيذ ذلك الحكم المعجل و يستوي أن يكون الضرر ماديا أو أدبيا .

 على خلاف المشرع المغربي لم يتبنى موقف المشرع المغربي بوجوب توفر عنصر الاستعجال كشرط لقبول طلب إيقاف التنفيذ بل اكتفى باشتراط البت على وجه السرعة في هذا الطلب، وذلك داخل أجل ثلاثين يوما، حيث نصت الفقرة الرابعة من الفصل 147 من ق م م و التي جاء في مقتضياتها مايلي : " تستدعي المحكمة، بمجرد ما يحال عليها المقال الذي يجب أن لا يضاف إلى الأصل، الأطراف للمناقشة و الحكم في غرفة المشورة حيت يمكن لهم أن يقدموا ملاحظاتهم شفويا أو كتابيا، ويجب أن تبت المحكمة داخل أجل ثلاثين يوما "، و الملاحظ أن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم بت غرفة المشورة في طلب إيقاف التنفيذ داخل أجل ثلاثين يوما، و استحضارا للقاعدة التي تقول " لا جزاء بدون نص" لا يمكن فرض أي جزاء،و من هنا يمكن طرح سؤال حول كيفية تجاوز خطر التنفيذ الذي يهدد المنفذ عليه طالب الإيقاف؟ .

و أمام وجود هذا الفراغ التشريعي بشأن هذه النقطة وحسب اعتقاد البعض فإنه يمكن للمعني بالأمر أن يثير صعوبة قانونية ويطلب تأجيل التنفيذ مؤقتا إلى حين إلى حين الفصل في الطلب الرامي لإيقاف التنفيذ من طرف غرفة المشورة .

مسألة توفر عنصر الاستعجال للقول بإيقاف التنفيذ أم أنه لا يلزم توفر هذا الشرط عرفت تضاربا فقهيا :

_ ذهب الأستاذ محمد منقار بنيس إلى القول : أمام غياب نص واضح يبين الشروط الموضوعية لقبول طلب إيقاف التنفيذ، فإن المحاكم قد تباينت حول هذه الشروط، ولاسيما عنصر الاستعجال، فنجد الأحكام في غالبيتها لا تشير إلى توافر أي شرط موضوعي و تكتفي بالقول بأنها ترى بأن للطلب ما يبرره أو العكس و تأمر تبعا لذلك بإيقاف تنفيذ الحكم المستأنف أو المتعرض عليه أو ترفضه، بينما نجد بعض الأحكام و القرارات ما تتحدث عن الضرر الاحتمالي و الخطر المحدق بالطرف المهدد بالتنفيذ، و أخرى تشير إلى جدية الوسائل المثارة في الطعن، و أخيرا من الأحكام ما تكتفي بشرط الاستعجال فقط .  




_ ويقول الأستاذ محمد شبيب بشأن عدم اشتراط الأحكام القاضية بوقف التنفيذ لعنصر الاستعجال :

في اعتقادنا فإن سبب ذلك يرجع إلى اقتناع بعض القضاء المغربي بأن عنصر الاستعجال يفترض ضمنيا في دعاوى إيقاف التنفيذ كلما كان من شأن الحكم إحداث وضعية ضارة بالمنفذ عليه قد يتعذر تداركه فيما بعد، و كل بحث عن عنصر الاستعجال في طلبات إيقاف التنفيذ سيساهم بشكل كبير في إفراغ هذه المسطرة من محتواها .

و نظرا لالتصاق عنصر الاستعجال بطلبات وقف التنفيذ، بل وافتراضه في هذه الحالة، فإن بعض التشريعات عهدت بالنظر في هذه الطلبات لقاضي الأمور المستعجلة وليس إلى غرفة المشورة،الأمر الذي أصبحت معه حالة الاستعجال مفترضة بقوة القانون في طلب إيقاف التنفيذ حسب بعض الفقه

ثالثا : ترجيح إلغاء الحكم المطعون فيه 

إن طلب المحكوم عليه بإيقاف التنفيذ المعجل بمقال مستقل عن الدعوى الأصلية يكون أمام المحكمة التي تنظر في التعرض أو الاستئناف، هذه الأخيرة في سبيل إجابتها عن هذا الطلب – طلب وقف التنفيذ -، تبحث في أسباب الطعن بحثا سطحيا و بصفة مبدئية، تم قبل الفصل في الموضوع تقرر إجابة طالب التنفيذ على طلبه بالإيقاف من عدمه، بناءا لما يظهر لها من بحتها السطحي لظاهر الأوراق و أسباب الطعن، من احتمال إلغاء الحكم من عدمه، بحيث إذا كانت أسباب الطعن من القوة و الوضوح ما يترجح معه احتمال إلغاء الحكم، فللمحكمة أن تأمر بوقوف النفاذ المعجل، و إذا لم يترجح لها ذلك فليس لها أن تحكم بإيقاف النفاذ المعجل .    

هذا الشرط لم يتطرق له المشرع المغربي، و الذي يعتبر الأساس للحكم بالإيقاف، ويقصد به ترجح إلغاء الحكم في الموضوع، وليس فيما قضى به من تنفيذ معجل، ذلك أن المشرع حينما يفترض وقوع ضرر يتعذر تداركه من جراء تنفيذ الحكم فإنه يفترض احتمال إلغاء الحكم، فالاحتمال هو الذي يثير مسألة إلغاء التنفيذ وتدارك الضرر الناجم عنه، ومن ثم فإذا تبين للمحكمة أن الحكم غير صائب فيما انتهى له، لكن الطعن قدم بإجراءات معيبة فإنها ترفض الاستجابة لطلب وقف التنفيذ، وهي نتيجة منطقية، مادامت لم تلغي الحكم المطعون فيه، وإنما ستصرح بعدم قبول الطعن شكالا .

وعلى أي فإنه أمام سكوت المشرع عن ذكر هذا الشرط، فقد ذهب بعض الفقه على أنه يمكن التأصيل له انطلاقا من أساسين اثنين : السلطة التقديرية الممنوحة لغرفة المشورة للحكم بوقف التنفيذ، إذ أنها سوف تأخذ بعين الاعتبار مدى احتمال إلغاء الحكم في تقدير الاستجابة للطلب أو رفضه، و الثاني استشعار نية المشرع من إحداث مؤسسة وقف التنفيذ لدرء وقوع أي ضرر جسيم يتعذر تداركه بعد تمام التنفيذ، ومن ثم يفترض إلغاء الحكم .   

وفي الحالة التي تقضي فيها غرفة المشورة بإيقاف التنفيذ، فلا يعني ذلك أن المحكمة ستلغي حتما الحكم المطعون فيه، ما دام أن غرفة المشورة تبني قناعتها استنادا إلى الفحص الظاهري لأسباب الطعن، وبالتالي لها أن تؤيد الحكم أو تلغيه بكل حرية لكن بشرط تعليل موقفها .

الفقرة الثانية : الشروط الشكلية لإيقاف التنفيذ

بعد ذكر الشروط الموضوعية الخاصة بطلب إيقاف التنفيذ، توجد شرود شكلية أيضا، وهذه الشروط الشكلية تتمثل في تأكد الجهة المختصة في البت في هذا الطلب من عدم تمام التنفيذ (أولا ) و التأكد من تقديم الطلب بالتبعية لمقال الطعن في الحكم ( ثانيا ) .

أولا : عدم تمام التنفيذ 

هذا الشرط يستفاد من طبيعة وقف التنفيذ، لأن ما تم لا يوقف و إنما يلغى، فغاية وقف التنفيذ هو وقاية المحكوم عليه من الضرر المحتمل للتنفيذ المعجل، و من تم إذا تم التنفيذ فلم يعد هناك معنى للتقدم بطلب وقفه، و لا يقبل مثل هذا الطلب لانعدام المصلحة و يبقى للمحكوم عليه عند إلغاء ذلك الحكم المعجل، المطالبة بإعادة الحال إلى ما كانت عليه . 

التنفيذ المباشر ينتهي مباشرة بعد تنفيذ ما حكم به، كالقيام بتسليم منقول أو عقار للمحكوم له، إذ في هذه الحالة ينتهي التنفيذ عقب إجراء التسليم، وذلك خلافا لما عليه الأمر بالنسبة للتنفيذ الجبري الذي يمر أولا بمرحلة الحجز تم مرحلة البيع، إذا كان حجزا تنفيذيا أو بعد تحويله إلى حجز تنفيذي إذا كان في الأصل تحفظيا .

لكن شرط عدم انتهاء التنفيذ يفرض مجموعة من الإشكالات التي سوف نحاول التطرق إليها من خلال الحالات التالية : 

_ الحالة الأولى : الأحكام التي تتضمن أكثر من إلزام 

الإشكال المطروح هنا : متى يمكن القول بانتهاء عملية التنفيذ ؟

الأستاذ محمد شبيب أجاب عن هذا السؤال بالقول إنه في الحالة التي يتم فيها تنفيذ شق من الحكم فإن طلب وقف التنفيذ لا يقبل إلا في الشق الذي لم تتم عملية التنفيذ بشأنه .

_ الحالة الثانية : التقدم بالطلب قبل البدء في عملية التنفيذ 

الإشكال المطروح هنا : هل يمكن للجهة المختصة في هذه الحالة أن تصرح بعدم القبول و تمتنع عن النظر فيه ؟

و بصدد هذا ذهب جمهور من الفقه إلى القول بإمكانية تقديم طلب إيقاف تنفيذ حكم ولو قبل الشروع في عملية التنفيذ، وذلك استنادا إلى المصلحة المحتملة في توقي خطر التنفيذ، و هو خطر قابل لأن يقع في أي لحظة، ومن تم يعد طلبا مقبولا.

و في هذا الصدد هناك قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش : " حيت إن طلب الإيقاف مهدد بخطر تنفيذ الحكم الابتدائي الذي يمكن أن يتم من ساعة إلى أخرى، مما يكون معه الطلب مقبولا شكلا ".

_ الحالة الثالثة : الحالة التي يرفع فيها طلب إيقاف التنفيذ قبل تمام التنفيذ و بعد البدء فيه، ولكن التنفيذ وصل إلى نهايته قبل الفصل في طلب وقف التنفيذ .

إذا تقدم المحكوم عليه بطلب وقف التنفيذ قبل تمام التنفيذ، تم تراخت المحكمة في إجابته، وكان حينها المحكوم عليه ماضيا في التنفيذ حتى أتمه .

انقسم الفقه بخصوص هذه الإشكالية إلى اتجاهين، حيت ذهب اتجاه أول إلى القول بأن تمام التنفيذ يجعل المنازعة غير مسموعة حتى ولو حصل التنفيذ بعد تقديم طلب إيقاف التنفيذ

و الاتجاه الثاني يقضي، بأنه مادام رفع الطلب كان في وقت لم يكن فيه التنفيذ قد تم فلا أثر لتمام التنفيذ بعدئذ على قبول الطلب .     

و الصواب أن طلب وقف التنفيذ يقبل، و إن كان التنفيذ قد تم لأن التأخير ليس من طالب وقف التنفيذ بل من المحكمة .

ثانيا : تقديم طلب إيقاف التنفيذ بالتبعية للطعن في الحكم

لا يجوز التقدم بطلب يقتصر فقط على طلب وقف النفاذ المعجل دون الطعن في الحكم المشمول بالنفاذ المعجل، فلا بد إذا رغب المحكوم عليه إيقاف النفاذ المعجل أن يقدم مع طلبه بالإيقاف أو بعده مباشرة مقال الطعن و من اللازم أن يقدم طلب إيقاف التنفيذ المعجل بمقال مستقل عن الدعوى الأصلية حسب ما جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية . 

المحكمة المختصة بالفصل في العيوب التي تشوب الحكم و التي قد تتجه إلى إلغائه، هي أقدر المحاكم على الفصل في طلب وقف التنفيذ المستند إلى الخروقات القانونية التي يتضمنها الحكم محل الطلب، و من تم يشترط لقبول طلب وقف التنفيذ أن يكون الحكم مطعونا فيه إما بطريق التعرض أو الاستئناف و هذا الشرط يستفاد من مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 147 من ق م م الذي جاء فيه : غير أنه يمكن تقديم طلبات إيقاف التنفيذ المعجل بمقال مستقل عن الدعوى الأصلية أمام المحكمة التي تنظر في التعرض أو الاستئناف و منه يلزم رفع طلب إيقاف النفاذ المعجل قبل أن تبت المحكمة في طلب الإيقاف، و هذا ما أكدته محكمة الاستئناف بأكادير التي جاء في أحد قراراتها " حيت إن غرفة المشورة ليست مختصة للنظر في طلبات إيقاف تنفيذ القرار الذي استنفدت المحكمة ولايتها بشأن موضوعه، مما يتعين معه التصريح بعدم الاختصاص .   

و كما قلنا أنه لا يمكن تقديم طلب بإيقاف النفاذ المعجل إلا بالتبعية لأحد طرق الطعن العادية سواء الطعن بالتعرض أو الطعن بالاستئناف، ومنه يثور السؤال حول مدى قبول طلب إيقاف التنفيذ بالتبعية إلى طعن بالتعرض الغير الخارج عن الخصومة، ولكن العمل القضائي أقر بعدم قبول طلبات وقف التنفيذ التابعة للطعن بالتعرض الغير الخارج عن الخصومة، لأن قبول طلب وقف النفاذ المعجل مشروط بمباشرة التعرض أو الاستئناف دون أي طريق أخر من طرق الطعن، وتدعيما لهذا جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء : " حيت إن اختصاص هذه الغرفة للبت في محل هذا الطلب مرتبط بقيام استئناف أو تعرض في حين أن الطلب الحالي باعتباره تابعا للدعوى الأصلية مرتبط بمسطرة الطعن بالتعرض الغير الخارج عن الخصومة مما يتعين معه التصريح بعدم القبول .


المطلب الثاني : الحكم في دعوى وقف التنفيذ

حسب الفقرة الثالثة من الفصل 147  من ق م م، أن البت في طلب وقف التنفيذ يعهد للمحكمة التي تبت في الطعن المقدم ضد الحكم المشمول بالنفاذ المعجل، إلا أن مسألة الاختصاص تطرح مجموعة من الإشكالات، مما ينبغي معالجة هذا الأمر بشيء من التفصيل ( الفقرة الأولى )، وفي حالة ما إذا تأكدت المحكمة الموجه لها الطلب من توفر الشروط الشكلية و الموضوعية لقبول الطلب، فإنها تصدر حكما بوقف التنفيذ المعجل، وقد تعلق الإيقاف على تقديم كفالة ( الفقرة الثانية ) .

الفقرة الأولى : الجهة المختصة للبت في طلب وقف التنفيذ

نجد المشرع أسند اختصاص البت في طلبات الإيقاف للنفاذ المعجل من خلال المادة 147 من ق م م إلى غرفة المشورة، و الغاية من إسناد هذا الاختصاص إلى غرفة المشورة هو رعاية إجراءات وقف التنفيذ التي يجب أن يبت فيها على وجه السرعة، ولكن المشرع لم يشترط المسطرة الكتابية أمام غرفة المشورة

و غرفة المشورة و هي تبت في طلب وقف التنفيذ تختلف تشكيلتها، فإذا كانت الغرفة بالمحكمة الابتدائية فغن التشكيلة تكون فردية و الحجة في ذلك أن الحالة الوحيدة التي يقدم فيها طلب إيقاف التنفيذ أمام هذه الغرفة هي المتعلقة بالأحكام الغيابية الصادرة بصفة إنتهائية، إذ أن هذه الأحكام تقبل التعرض دون الاستئناف و من المعلوم أن المحكمة الابتدائية تبت في الأحكام الانتهائية و هي مشكلة من قاضي منفرد، و إذا كانت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف فإن التشكيلة تكون جماعية طبقا لمقتضيات الفصل 345 من قانون المسطرة المدنية .  

يعهد لمحكمة الموضوع للبث في الطلبات الرامية إلى إيقاف التنفيذ المعجل، و ليس إلى رئيس المحكمة مع العلم أنه يتمتع بصلاحية إيقاف التنفيذ ولكن في إطار دعوى الصعوبة وليس في إطار دعوى وقف التنفيذ، وهذا ما أكده قرار صادر عن الرئيس الأول لمحكمة بمراكش أشار إليه يونس الزهري في مقالته " حيت إن الرئيس الأول حينما يكون النزاع معروضا على محكمة الاستئناف، يختص بالنظر في الصعوبات المثارة بشأن تنفيذ هذه الأحكام، أما إذا تم الاقتصار فقط على المطالبة بإيقاف التنفيذ فإن الاختصاص يرجع إلى قضاة الموضوع بغرفة المشورة طبقا لمقتضيات الفقرتين الثالثة و الرابعة من الفصل 147 ".   

إن تحديد الجهة التي تبت في طلب وقف التنفيذ لا تثير أي إشكال، و لكن الإشكال يثار بالنسبة للطلب الرامي إلى إيقاف تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل في إطار الدعوى الزجرية،ذلك أنه كما هو معلوم أن المادة 392 من ق م ج " أجازت للمحكمة الزجرية و هي تبت في الدعوى المدنية المعروفة إليها بصفة تابعة أن تأمر بجعل حكمها مشمولا بالنفاذ المعجل فذلك فيما يرجع لأداء التعويض كلا أو بعضا، شريطة أن تعلل قرارها تعليلا واضحا و كافيا ، و الإشكالية المطروحة هنا في كون المشرع المغربي لم يتطرق إلى إمكانية أو عدم إمكانية إيقاف التنفيذ المشمول بالنفاذ المعجل و الصادر في إطار الدعوى المدنية التابعة، ومن ثمة اتجه الفقه إلى معالجة هذا الإشكال وانقسم بصدده إلى جانبين من الآراء، رأي يرفض القول باختصاص المحكمة الزجرية للبت في الأحكام المدنية التابعة الصادرة عنها، و رأي أخر يقر باختصاص المحاكم الزجرية للبت في طلبات إيقاف تنفيذ الأحكام الصادرة في إطار الدعاوى المدنية التابعة على أساس أن هذه الدعاوى تحتفظ بكافة الخصائص التي تحظى بها الدعاوى المدنية الأصلية، ومنه فإن المقتضيات التي تحكم الاختصاص بطلبات وقف تنفيذ الأحكام المدنية هي نفسها التي تسري، على الأحكام الصادرة في إطار الدعوى المدنية التابعة .

و الطرح الثاني هو الأقرب للصواب، ذلك أن قانون المسطرة المدنية يعد بمثابة قانون إجرائي عام يرجع إليه في كل حالة تواجه فيها سكوتا في إطار النص الخاص، و الدعوى المدنية التابعة هي في الأصل دعوى مدنية و عرضها على أنظار القضاء الزجري إنما هو استثناء ضيق من حيث الجهة المؤهلة للبت قانونا، وهذا لا يؤثر على القواعد المسطرية الواجبة الإتباع من أجل البت في الدعوى .            

ونفس القواعد المطبقة بالنسبة لأحكام المحاكم تطبق على الأحكام القاضية بمنح الصيغة التنفيذية، لأنها تبقى قابلة للطعن بالاستئناف طبقا لما ينص عليه الفصل 322 من ق م م، وقد أجاز المشرع عند تنظيمه لهذه الأحكام إمكانية جعلها مشمولة بالنفاذ المعجل طبقا للفصل 324 من ق م م، وبذلك فإن هذه الإمكانية تجعل من الواجب تطبيق القواعد التي تحكم مسطرة إيقاف تنفيذ الأحكام الآمرة بالنفاذ المعجل أمام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف .


الفقرة الثانية : سلطة المحكمة في الحكم بوقف التنفيذ


الفصل 147 من ق م م، يعطي لغرفة المشورة سلطة تقديرية كاملة في الاستجابة لطلب وقف التنفيذ أو رفضه، أو ربط التنفيذ بأجل معين أو تعليقه على شرط من الشروط المفصلة في الفصل المذكور، إلى أنه لا يجب التوسع في مفهوم السلطة التقديرية و تركها مطلقة بدون ضوابط، لأن من شأن ذلك أن ينعكس سلبا على موقف قضائنا المغربي، و خاصة في مجال تعليل الأحكام الصادرة بإيقاف التنفيذ، حيت تأتي هذه الأحكام في غاية الاقتضاب على نحو لا يمكن معه أن نستشف الأسباب و المبررات التي ساهمت في تكوين غرفة المشورة للأمر بإيقاف التنفيذ

و هكذا جاء في تعليل قرار غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بمراكش: " حيت إن المحكمة بعد إطلاعها على وثائق الملف تبين لها أن ظروف النازلة و ملابساتها تستلزم إيقاف تنفيذ الحكم الابتدائي إلى أن يبت فيه إستئنافيا .

وهو نفس تعليل الذي تبنته غرفة المشورة لمحكمة الاستئناف بأكادير في قرار صادر عنها بتاريخ 10/12/1998 " حيث يضهر من ظروف القضية و ملابساتها أن الأنسب إيقاف التنفيذ المعجل للحكم الابتدائي المشار إليه أعلاه في انتظار فصل محكمة الاستئناف في الطعن المرفوع من الطرف المحكوم عليه  .

و المشرع ترك حرية للمحكمة لتحديد نطاق الوقف إذ قد تكتفي بوقف التنفيذ لمدة معينة فقط، وقد توقفه بصفة جزئية أو كلية، كما أنه إذا تبين للغرفة نوع من الشك في جدية الطلب و أنه مجرد وسيلة للمماطة و التسويف فإنه يمكنها أن تعلق الأمر على وجوب تقديم كفالة من الطرف المحكوم ضده و هي الحالة التي عرض لها المشرع المغربي في الفقرة السادسة من الفصل 147 من ق م م، و التي جاء فيها : يمكن رفض الطلب، أو إقرار التنفيذ المعجل إلى أن يقع البت في الجوهر، أو الأمر بإيقاف التنفيذ المعجل لمدة معينة أو تعليق متابعة التنفيذ كليا أو جزئيا على تقديم كفالة من طالبه .

إذ يبقى إيقاف التنفيذ مشروطا بإيداع مبلغ كافي لضمان قدر المحكوم به في الأصل و بالتالي فلإيداع لا يمكن أن يقرر من طرف غرفة المشورة إلا بالنسبة للأحكام التي يكون موضوعها أداء مبالغ مالية . 

و المشرع منح للمحكوم له وسيلة قانونية للتدليل على حسن نيته في التقاضي، تمكنه من تفادي إفراغ مؤسسة النفاذ المعجل من محتواها من خلال منحه صلاحية إيداع مبلغ كضمان بكتابة الضبط أو لدى شخص ثالث باتفاق الأطراف غير أن الإشكال الذي يطرحه هذا المقتضى هو ألا يعد ذلك بمثابة إفراغ الفقرة الأولى من محتواها طالما أن المشرع نص على شمول الحكم في الحالات المحددة في الفقرة 147 بالنفاذ المعجل بدون كفالة .

و الكفالة تكون فقط متصورة بالنسبة لحالات النفاذ المعجل القضائي، إذ وحدها أجاز المشرع تعليقها على تقديم كفالة .

و في الحالة التي يتبين لغرفة المشورة أن المحكمة سبق لها أن علقت النفاذ المعجل على تقديم كفالة، فإن التحديد لا يقيدها إذ يجوز لها أن تأمر بإيداع مبلغ إضافي حسب سلطتها التقديرية .

الحكم القاضي القاضي بإيقاف التنفيذ يثير إشكالا حول تكييفه القانوني، و ما إذا كان يدخل ضمن الأحكام الاستعجالية، أم العادية لاسيما و أن المشرع اشترط صدور هذا الحكم داخل أجل ثلاثين يوما حسب الفقرة الرابعة من الفصل 147 من ق م م .

ولقد ذهب الفقيه المصري أحمد الخليل إلى أن الحكم الصادر في طلب إيقاف التنفيذ يكتسي صبغة الاستعجال القطعية، لأنه لا ينطوي على أي مطالبة بحق أو مركز قانوني موضوعي، بل يتضمن فقط المطالبة بإجراء وقتي وهو وقف التنفيذ مؤقتا لحين الفصل في الموضوع .

إلى أن مسألة التكييف الحكم القاضي بإيقاف التنفيذ يجعل من مسألة الجزم في تحديد تكييف قانوني له مسألة جد صعبة.

و المتعارف عليه أن الأحكام الصادرة بإيقاف التنفيذ هي أحكام وقتية، وإن كان المشرع المغربي أسند كقاعدة عامة الاختصاص بالبت في الطلبات الوقتية لقاضي الأمور المستعجلة، إلا أنه أورد مجموعة من الاستثناءات في نصوص متفرقة إستثناءات من القاعدة المذكورة و من بينها إسناد لغرفة المشورة الاختصاص بالبت في طلبات إيقاف التنفيذ و بالتالي يجب عدم الخلط بين الصبغة الوقتية و الصبغة الاستعجالية في وصف الأحكام . 



 



تعليقات

المشاركات الشائعة